بقلم: تيماء الجيوش
عرّف البعض علم الجمال بأنه فعل الإدراك و تلقي العالم الفني و تذوقه و منهم كان ايمانويل كانت Emmanuel Kant
إذاً الفنون يُفترض فيها أن توجد تفاعلاً بينها و بين من يتلقاها يبرز من خلال الأحاسيس و آلية التواصل و استمرارها. ما يعني الرضا.
والفنون على اختلاف اشكالها هي بالدرجة الاولى إبداع يُقدم من خلاله الإنسان مساحات من الواقع و الحياة و يسعى في مواضع عدة الى معالجة الألم الأنساني و هذا حقيقةً لا يجادل فيها اثنين حيث نجح الفن عموماً بذاك باختلاف الحقب التاريخية.
كما نجح أيضاً في تغيير بعضاً من مفاهيم المجتمعات و مواقفها بما له من بصيرةٍ و رؤيا مما أغلق فجواتٍ اجتماعية و إنسانية وأكمل صوراً للتسامح و الرقي و حقاً كانت الفنون عاملاً من عوامل تقدم المجتمع ليس هذا و حسب بل كانت أساسيةً في التواصل الحضاري.
كمٌ هائل من المعلومات أوصلته الفنون عن مجتمعات بشرية قديمة و مراحلها التاريخية المختلفة مما أثرى و عمّق الوعي و جعل تتبع هذه الحضارات أمراً تناثرت في تفاصيله مختلف الأشكال و التعبير الإبداعي حيث باتت العلاقة مع الآخر أكثر عمقاً و أرست فهماً مختلفاً له و ما يمر به. بل و ربما استطاعت إلغاء الفوارق الثقافية في مراحل حرجة مثل الحروب و أرست جسوراً ثقافية تبدأ بالتسامح و تنتهي بالقبول و العيش المشترك في ظل قيمٍ إنسانية متحديةً التطرف و الغلو في الإنعزال و الفوقية. قدرات إبداعية لا متناهية من حيث أبعادها العمودية و الافقية . ما يضاف أيضاً هنا أن الفنون ليست بعيدة عن حقوق الإنسان و مآسي اللجوء و همومه لا سيما في العقد الثاني من الالفية الثانية. ما دفع العديد من المؤسسات و الهيئات الى استخدام الفنون لمناقشة هذا الامر و غيره من المواضيع الاكثر حساسية مع إيمانٍ لا يخيب بالفنون و رسائلها المباشرة ل المجتمعات المختلفة. ليس الأمر بالبعيد حين قامت الامم المتحدة و عبر مكتبها لشؤون نزع السلاح باستخدام الفنون لرؤية عالمٍ جديد خالٍ من النزاع و الأسلحة النوويةً و كانت الفئة العمرية المستهدفة لهذا المشروع هو الجيل اليافع في البلدان المختلفة.
بالعودة الى هم الهجرة و اللجوء، سلمى ذو الفقار في بريطانيا كان لها دوراً فاعلاً في ثلاثية الفنون و حقوق الإنسان و اللجوء.
بدايةً السيدة سلمى منذ العام ٢٠١٦ هي مؤسس وًمديرة برنامج Artconnect in Bermingham.
الذي يُعنى بالمرأة المهاجرة و اللاجئة ، في صراعها، في استدراكها لمواطن قوتها، في بناء الحوار الثقافي و تقديم نفسها بما يفيد في تجاوز الجسور الثقافية و خلق تفاهم إنساني حول المساواة و التسامح و بناء السلام . لم يكن الأمر هيناً للعديد من النساء و الفتيات اللواتي و هن من تتوجه لهن السيدة سلمى في عملها في ظل تصاعد التمييز و الكراهية و العنصرية التي نالت العديد من المواضع في اوروبا و لم تكن حصراً على بقعةٍ جغرافية ما.
ساعد السيدة سلمى انفتاح هؤلاء النساء على الحوار والمشاركة مما دفع بالعديد من ورشات العمل قدماً.
وبما لها من باعٍ طويل في الدفاع عن حقوق الإنسان وكونها فنانة تشكيلية و تنظم الشعر و لها خبرة طويلة في العمل الانساني برز الى حيز الوجود مشروعها الاخير للعام ٢٠١٨.
Artconnect & migration blanket
استهدفت بالدرجة الاولى الى وضع الفنون في تقديم أصوات المهاجرين / المهاجرات و تواصلهم مع محيطهم الجديد و أوطانهم البديلة . في الدفاع عن حقوقهم و قيمهم الإنسانية المتمثلة بالسلام و التسامح و نبذ التطرف و العنف.
من خلال الفن و مع مشروع Artconnect &migration blanket نقترب رويداً رويداً من عالم المهاجرات و اللاجئات ، ما هي أحلامهن، أمالهن، ماذا يعني الانتقال من حاضنة ثقافية الى اخرى . الأهم هو كفاحهن مع أسرهن في ظل تجاذبات سياسة اللجوء والهجرة و الكم من الدعم الذي تحتاجه الأسر اللاجئة و المهاجرة و الكم النوعي الذي يحدثه في حياتهم التضامن المجتمعي و الإنساني بما يتفق مع المواقف و المعايير الخاصة بالقانون الانساني و الدولي.
هذا الفيلم القصير migration blanket أخرج الى العلن قصص النسوة المهاجرات و اللاجئات عبر تجربة إنسانية غير معقدة. صنع غطاء /دثار من قطعٍ فنية مختلفة و سرد تجاربهن من خلال تنفيذ العمل . كل واحدةٍ منهن لها قصتها و تجربتها، لها ما خلصت من استنتاجه و ما أبقته من تفاعلها مع مجتمعٍ جديد ، من التنوع الثقافي ، من المساواة و مواضع التمييز و القوالب النمطية الجاهزة للآخر. و العمل على حوارٍ جدي يُلمس فيه حقاً التضامن و الاحترام للتنوع و التقدير لمن جاء يبحث عن سماءٍ آمنة بعد أن ضاقت به الحياة في بلده الام.
اليوم هناك حديث عن مشروعٍ جديدٍ اخر للسيدة سلمى ومؤسستها Artconnect يتناول المرأة المهاجرة واللاجئة في زمن الكورونا فايروس في زمن COVID-19 ومفاعيله الاقتصادية و الاجتماعية حين غابت المصادر المادية والتواصل الاجتماعي ما أدى الى انعكاساتٍ حادة و سلبية على اللاجئين و المهاجرين . العديد الان بانتظار هذا العمل الجديد و لمن يرغب او استطاع سبيلاً دعم هذا المشروع مادياً بالتبرع له على الصفحة الخاصة به. هو لم يعُد خاصاً ببلدٍ ما او بمجتمعٍ ما, هو آهةٍ إنسانية في ظل وباءٍ و هجرة و إنعكاساتها سلباً أم إيجاباً.
نهاية هذا العام كان احتفالاً لانهاء العنف ضد المرأة و من ثم الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان. كم نحتاج الى مثل هذه المشاريع و رؤية الفنون تُحدث فرقاً حين تقف حائرة السياسات أمام ذلك وتتخبط بين الممكن و المسموح و ما يتم المقايضة به و عليه .
هذا هو رابط التبرع و المؤسسة
http://www.salmazulfiqar.com/