بقلم: الأديبة / إخلاص فرنسيس
بخيرٍ اخترتُ أن أكونَ، الكونَ كنته قبل أن يكهنَ كاهنٌ وقبل أن يخونَه على مذبحِ الكائنة، إن كنتَ تعرفُ ما عرفت، ليتك عرفتني كما عرفتُك وكما المعرفة التي تبني ألوانَك، والصدأ يحيا بها.
إن كان كلاهما أبيضَ، أحدهما تكوّنت منه الشفاهُ للشفاء، والآخرُ سقطَ على وجنة الوردةِ حياة.. السكر والملح
شهيّ، ومثيرٌ بياضُها، وإن ترقرقتْ طابَ مذاقُها، ملحُها يحلو بين الشفاه، وكالدرِّ تتلألأ في العيونِ نقاءً.
لعلّ فيها علةً وللعلةِ هناكَ دواء، وما الدواءُ إلّا لمن فيه داء، والداءُ بالداءِ كيف يداوى؟ والريقُ للعاشقِ الشريدِ ريّ فيه تجلّى المحيط، تشربُ، تعطشُ، تُقبل إليه، سرابٌ يرحل، تمدُّ يدك، تُمسكُ الهواء، فالكلُّ في البعدِ هباء.
هل أكتبُ النصوص، أم أنت تكتبني، ترشُّ بياضَك، تبهرُني، يخافُك قلمي، وينحني أمام ألوانِ ابتسامتك، يئنُّ عندما بالمسافةِ يتفكر، يصون الحروف لئلا تبكي، تشهقُ دمعةٌ على الورق، أضعُ فيها مركبي، وفي الحيرةِ أغرق.
تعجبُني ابتسامةٌ لا أراها، أتخيلُ بيدك الكأس، تشربُ ومن ثمّ تبرّد خمرَك بالماء، تستقي بعينيكَ الخيال، تبثُّ ضباباً كثيفاً، هل تختبئُ أم تحاولُ أن تخفيَ فيها صوري، لئلّا يراك الليلُ، ويكشفَ سرَّك، سوف أغرقُ، لتنتشلني باليقين.
ماؤك قوس قزح، وضحكُ فراشةٍ وزغردةُ القصبِ خريرُ نهرٍ وعربدةُ الريحِ على أوراقِ الشجر، وشحوبُ غيمةٍ ونقرُ المطر، وحباتُ رمانٍ فرفطه الزمن.
بالنارِ يتركُ القدرُ بصمتَه، وشفاهي إن أقبلتَ إليها، تَعِدُكَ بالمزيد، عينانِ تأمرانِ وتنهيان، عن عنقٍ عاجي، نحتَه اللهُ بأزميله، سرْ بتروٍّ نحو الصدرِ واصغِ إلى ناي الأنفاس، هاتِ أناملَك، نضجتْ كرومُ التفاح، وآنَ أونُ الحصاد، اقطفْ واعصرْ خمرتي فوق جرحِك لتشفى، وادخلْ إلى مداخلِ حجبِ الرؤيا.
يصطادُني القرنفل، والياسمينُ شفيعي لا يُردّ، نقاء انتقيتَ أيها الأمير، في تلافيفِ العشقِ نقيم، هذا زمنٌ يقسمه حدُّ سيفِ شهريار، كلَّ ليلةٍ يتدلّى القمر حافيَ القدمينِ مهرولًا، يمتثل في عيوِن شهرزاد، يكملُ نقصَ الحكايةِ هروباً من صقيعِ الوحدة، تعلّمه كيفَ يوقدُ السماء، وتتركُه يرحل، فالليلُ حظُّ العشاقِ، سبقنا الصدى، تعالَ نملاِ الطريقَ بخيباتِنا….