بقلم : فـريد زمكحل
دعونا نتفق على أنه لا وجود هناك للأنظمة الديمقراطية بالمعنى الدقيق للكلمة في كل أنحاء العالم، وإنما توجد أنظمة «شبه ديمقراطية» في مقابل أنظمة شمولية أو ديكتاتورية يعيش فيها المجموع لخدمة الفرد الذي في يده السلطة وخدمة النخبة المُقربة منه.
وبين النظامين هذا الشبه ديمقراطي وذاك الشمولي علاقة مضاجعة غير شرعية، فيها من التقارب قدر ما فيها من التباعد وفقاً لما تفرضه مصالح الأقوى وقليلاً وفقاً لما تفرضه مصالحهما المشتركة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي ومدى قوة وتأثير العامل الأول على العامل الثاني الذي يشتمل على البناء والتعمير، والعلم والتعليم، والخدمات الصحية وإيجاد فرص العمل إلى آخره.
وفي تقديري أن الذي أسهم باتساع الهوة بين النظامين الشبه ديمقراطي، وذلك النظام الديكتاتوري يتمحور حول ويتمركز في أن النظام الأول يقبل ويسمح ويصر على وجود أحزاب للمعارضة أو شبه المعارضة للنظام القائم أو للحزب الحاكم تتمتع بقدر من حرية النقد… بينما لا يقبل بوجود ذلك تلك الأنظمة الشمولية التي لا يعلو فيها أي صوت على صوت الزعيم الأوحد مبعوث العناية الإلهية العالِمْ ببواطن الأمور وظاهرها… صاحب الرأي الأول والأوحد والأخير، وكل منّ يُفكر في غير ذلك أو يعتقد هو «مفقود .. مفقود يا ولدي».
وللأسف تؤكد كل المعطيات على أن معظم أو غالبية الأنظمة العربية أو الأنظمة القائمة أنظمة قمعية داعمة لهذا النهج الشمولي وحاضنة له، لذا تتوارى الحقائق وتختفي مع القضاء على المعارضة والمعارضين للنظام على جميع المستويات وفي جميع المؤسسات الرسمية للدولة وغير الرسمية ، السياسية وغير السياسية، لذا من الصعوبة بمكان التكهن أو التنبؤ بمستقبل أي بلد في المنطقة على المدى القريب والبعيد…
وتأتي بلدي مصر ضمن قائمة دول المنطقة الذي لا يمكن التكهن بمستقبلها في ظل إصرار الدولة على غياب دور المعارضة الشريفة فيها عن المشهد السياسي العام للدولة، خاصة والشعب المصري مثله مثل كل الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج … شعوب مستهلكة غير منتجة إلا بالقدر القليل وعلى استحياء على عكس الشعبين التركي والإيراني الذي يتمتع كل مهما بنظام حكم شبه ديني شمولي وديكتاتوري، إلا أنهما شعوب منتجة وفاعلة، وهنا يكمن الفرق الكبير بينهما وبين غالبية الأنظمة العربية الشمولية في المنطقة التي سعى ويسعى بعضها لبيع وخصخصة العديد من صروحه الصناعية والوطنية الهامة والذي تم بيعها بأقل من قيمتها الحقيقية لبعض رجال الأعمال المقربين من السلطة أو الحكومة بالفعل، ولم يتكلم أحد ولن يتكلم .. لعدم وجود معارضة حزبية كانت أو شعبية بفضل السياسات الأمنية الخاطئة التابعة لهذه الدول وخاضعة لهذه الأنظمة.
وأخيراً أنتظر كما ينتظر غيري الموقف المصري النهائي من مشكلة سد النهضة للوصول لحل نهائي يرضى جميع أطراف النزاع، وأتمنى أن يكون التقارب التركي- المصري الأخير خطوة على طريق إيجاد هذا الحل المنتظر لهذه المشكلة الخطيرة التي تهدد حياة وأمن واستقرار أكثر من 100 مليون مصري … بالعطش والجوع حتى الموت!! الأمر الذي لن نقبل به مهما كان الثمن!
ومع ذلك دعونا نأمل خيراً ونتمسك به … وعلى الله التوفيق .. وتحيا مصر رغم كل الظروف!