بشــير القــزّي
لاقى عشرات الآلاف من المواطنين حتفهم نتيجة الزلزال المدمّر الذي ضرب مناطق شاسعة من شمال سوريا وجنوب تركيا، كما تسبّب بتشريد عشرات الملايين من العائلات بعد ان فقدوا مساكنهم وممتلكاتهم ومصادر رزقهم! وفي الوقت الذي أصبح فيه الذين نجوا من الموت، فوق الأرض المدمَّرة، ينتظرون ما يصلهم من الإعانات في القوت والأغطية والخيم للاستمرار في العيش، نجد ان كثيرين ما زالوا تحت الأنقاض، بدون ماء ولا تدفئة، ينتظرون ان تصل لهم يدُ أحد المخلّصين قبل ان يلفظوا أنفاسهم الأخيرة!
أكثر ما آلمني إثرَ هذه الفاجعة هو بعض التعليقات التي قرأتها على صفحات التواصل الاجتماعي ، والتي وإن كانت في ظاهرها تدعو الى مدِّ يدِ العون الى المحتاجين، إلّا انها لا تُخفي بصمات كاتبها، وتدلّ على تفاصيل هويّته،وعلى الخط الضيّق الذي يلتزمه!
وإذ أسمعُ عن صراعات دمويّة ما زالت مستعرة على الأرض التي تعرّضت للكارثة، تنتابُ فكري أسئلةٌ كثيرة حول ذلك،وأسردها فيما يلي:
• هل أصابَ الزلزالُ وطناً واحداً دون أن يعبرَ الحدود لتدمير دولةٍ أخرى؟
• هل اقتصرَ تدميره على ديانة محدّدة؟
• هل نجا أصحابُ طائفةٍ معيّنة من آثاره؟
• هل نجا مصابون بترداد صلاة معيّنة؟
• هل حيّد الزلزال عن أفراد عُرقٍ معيّن؟
• هل لم يساوِ القتلُ بين الفقراء والأغنياء؟
• هل ميّزَ بين المتعلّمين والأميّين؟
• هل فرّق بين المعمّرين والأطفال ؟
• أو بين الأبرار والأشرار؟
• أو بين أصحاب الجمال وأصحاب القباحة؟… والكثير من الأسئلة المماثلة!
إن الذي حصل كارثيٌّ بامتياز ولا يجوز ان نُفكّر بأنه وُجدَ للاقتصاص من أحفادِ من كانوا سبباً في تشريد أو قتل أجدادنا!
إنما ما يُثيرُ حافظتياليوم هو أني نشأت في صِغري على التخيّل ان الدول الكبرى هي صاحبة مبادئ وقِيَم وقوانين، وقد أنشِئت لحماية الضعيف وإحقاق الحق والدفاع عن المظلوم ومساعدة المحتاج والفقير! إلّا ان الواقع يجعلني أتردّد في تفكيريوبدأتُ أقتنع بأنّ الواقع هو غير المُعلن عنه وقد تكون بعضُ تلك الدول قويةً في بطشها وسلاحها وبعيدةً كل البعد عن تحقيق الديموقراطية والمساواة بين أبناء البشر!