بقلم: يوسف زمكحل
قبل يوم 22 يناير الماضي يوم الانقلاب على شرعية الرئيس المنتخب نيكولاس مادورو يوم إعلان خوان غوايدو نفسه رئيساً مؤقتاً على فنزويلا ، كان واحد من كل خمسة فنزويليين قد سمع بخوان غوايدو ، فقبل عدة أشهر كان الشاب البالغ من العمر 35 عاماً شخصية غامضة في مجموعة يمينية متطرفة وهامشية سياسياً ترتبط ارتباطا وثيقاً بأعمال شغب مروعة في الشوارع وحتى في حزبه كان غوايدو شخصية متوسطة المستوى في الجمعية الوطنية (البرلمان) التي تهيمن عليها المعارضة بل كان نائباً بديلاً قبل أن يحالفه الحظ ويصبح رئيساً للبرلمان . ولكن بعد مكالمة هاتفية من نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس أعلن غوايدو نفسه رئيساً لفنزويلا الدولة صاحبة أكبر احتياطي نفطي في العالم وسرعان ما اعترفت به أمريكا طبعا وكندا وعدد من الدول الأوربية والبرلمان الأوروبي وإسرائيل وتكتل حكومات أمريكا اللاتينية اليمنية المعروفة باسم مجموعة (ليما) بغوايدو بأنه الزعيم الشرعي لفنزويلا . غوايدو كان في الواقع نتاج أكثر من عقد من الاستماتة الحثيثة من قبل نخبة مصانع تغيير النظام التابعة للحكومة الأمريكية حيث تم تدريب كوادر من الطلاب الناشطين من بينهم غوايدو لزعزعة استقرار البلاد والاستيلاء على السلطة فقد أمضى غوايدو سنوات أثبت جدارته في قاعات السلطة في واشنطن . واليوم يتم تسويقه على أنه وجه استعادة الديمقراطية إلا أنه أمضى حياته المهنية في أكثر فصيل متطرف بين أحزاب المعارضة الرديكالية في فنزويلا ، فكان في مقدمة حملات لزعزعة الاستقرار في البلاد وكان مسؤولاً جزئياً عن تفتيت المعارضة . ويقول رائد الاستطلاعات في فنزويلا لويس فيسينتي ليون أن هؤلاء القادة الراديكاليين في المعارضة لا يملكون أكثر من 20% في استطلاعات الرأي وحزب غوايدو لا يزال معزولاً لأن غالبية السكان لا يريدون الحرب بل يريدون الحل . وليس من المتوقع أن يقود غوايدو فنزويلا نحو الديمقراطية بل إلى انهيار بلد كان خلال العقدين الماضيين حصناً لمقاومة الهيمنة الأمريكية ويشير صعوده غير المتوقع إلى ذروة مشروع دام عقدين من الزمن لتدمير تجربة اشتراكية قوية . فمنذ انتخاب هو شافيز رئيساً لفنزويلا عام 1998 حاربت الولايات المتحدة الأمريكية لاستعادة السيطرة على فنزويلا وعلى احتياطي النفط الهائل والجدير بالذكر إن الانقلاب الذي قامت به المعارضة اليمينية في عام 2002 حيث أطاحت بشافيز بدعم من الولايات المتحدة بشكل مؤقت قبل أن يعيده الجيش الفنزويلي إلى سدة الرئاسة استجابة للتحرك الشعبي الجماهيري المؤيد لشافيز كما نجا شافيز من العديد من مؤامرات الاغتيال قبل موته بمرض السرطان في عام 2013 وقد نجا خلفه نيكلاوس مادورو من ثلاث محاولات اغتيال هددت حياته . أما إدارة ترامب فقد رفعت فنزويلا إلى رأس الدول المستهدفة بتغيير النظام وحاولت تجنيد أعضاء من القادة العسكريين الفنزويليين لتشكيل المجلس العسكري والانقلاب على الرئيس الشرعي مادورو ولكن هذه الجهود فشلت ومازال العالم ينتظر ماذا سيحدث في فنزويلا وحسبي الله ونعم الوكيل فيكِ يا أمريكا .!