بقلم: د. خالد التوزاني
صدر مؤخراً كتاب (التَصَوّفُ الذي بَيْنَنا ومَعَنا: مساحاتٌ معرفيّة شاغرةٌ لتجارب عرفانيّة جديدة)، ضمن سلسلة تجديد النّظر في الدين والسلوك، التي يرأس تحريرها الأكاديمي المغربي الدكتور خالد التوزاني، وهي سلسلة تقدّم تصوّراً جديداً حول قضايا التدين وأنماط السلوك، وفق رؤية علمية تحترم الاختلاف وتأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل ثقافة وسياق إنتاجها وتداولها، بغية تجديد النظر لفهم أعمق ورؤية أشمل تبدع الحلول وتقرّب وجهات النظر، وذلك إيماناً بأهمية إحياء علوم الدين وتجديدها، في السياق المعاصر، لتحقيق الارتقاء بالسلوك، وخلق جسر اللقاء بين الأصول الكبرى للدين وتطبيقاته في الواقع العملي، ضمن دائرة الأخلاق الكبرى التي تمنح الإنسان كماله المنشود.
وفي اللجنة العلمية والاستشارية لهذه السلسلة الدكتورة زهرة الثابت الأستاذة الجامعية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية القيروان، بتونس الخضراء، في تخصص مقارنة الأديان. والدكتورة ماجدة مولود رمضان الشرع، أستاذة مشاركة في التاريخ الإسلامي، في جامعة ليبيا. ثم المفكر السعودي والكاتب الصحفي البارز الدكتور زيد بن علي الفضيل- مدير البرنامج الثقافي بمركز الخليج للأبحاث، بالمملكة العربية السعودية. ثم الأكاديمي الجزائري الدكتور سالم بن لباد، أستاذ التعليم العالي، بالجمهورية الجزائرية. وأيضاً المفكر البحريني الدكتور محمد الزّكري القضاعي، المتخصص في فلسفة إنتاج المعارف ومقارنة مفاهيم الجماعات، والذي يدرس بالجامعات الألمانية مادة دراسات إسلامية وتصوفيّة وهو مدير دارة ابن الزكري الألمانية للنشر المعرفي والتي صدر هذا الكتاب ضمن منشوراتها.
صدر هذا الكتاب بتحرير وتنسيق الدكتور محمد الزّكري القضاعي، وذلك في طبعته الثانية المزيدة والمنقحة. بعد نفاذ الطبعة الأولى في بضعة أشهر من صدور الكتاب في ألمانيا تحت عنوان: “التصوف الذي بيننا ومعنا”، وكان قد أشرف على تحريره الأكاديمي المغربي الدكتور منتصر حمادة رفقة الباحث البحريني الدكتور محمد الزكري. وتضمن الكتاب ترجمة الأرضية النظرية إلى اللغة الألمانية، ومعها بعض فصوله، وأنجز الترجمة متيّاس هنيش. مع تقديم حرّره الدكتور أحمد الخليع.
أما محتويات الكتاب في هذه الطبعة الجديدة، فقد جاءت متنوعة حسب الانتماءات الثقافية والمجالات البحثية للمشاركين في الكتاب من مختلف الجنسيات والجغرافيات المعرفية، وتمثلت تلك المحتويات في الدراسات الآتية:
تأطيرٌ نظريّ ومنهجيّ بعنوان: المنعطف في دراسات التصوّف الجديد للمفكر البحريني الدكتور محمد الزّكريّ القُضَاعِي، وهو الذي ترعرع في مدينة الدّمام الواقعة في شرق المملكة العربية السعودية. خريج جامعة إكستر البريطانية، متخصصٌ في قضايا الأنثروبولوجيا والمعرفة والدراسات الإسلاميّة. كتبَ عن التصوّف وقضايا إسلاميّة عدة ركّز فيها على طرق إنتاج المعارف. درّس في جامعة وستمنستر البريطانية ويدرّسُ مادّة نظريّة المعرفة والبحث العلمي في جامعة بي تي يو – كوتبس في ألمانيا. يهتمّ حالياً بدراسات القرآن وله بحوثٌ ومقالاتٌ عدةٌ وأخرى قيد النشر. كما إنه التحق في طفولته بحلق التعليم التقليدي لتعلم الفقه الحنبلي ودرس الحديث، وهو منتظم في حلق التصوف والذّكر في نضجه. ويهوى كتابة الخواطر الشّعْرِيّة. يقيم في مقاطعة براندنبورغ الألمانية منذ عام 2016.
ثم دراسة بعنوان: التصوف والتنمية؛ البُعد الروحي في صناعة الإنسان الكامل، للأكاديمي المغربي الدكتور خالد التوزاني، وهو متخصص في التصوف والنقد والجماليات، رئيس المركز المغربي للاستثمار الثقافي – مساق، تخرّج في جامعة فاس/المملكة المغربية، شعبة علم النفس، وناقش رسالة الماجستير عام 2009 في موضوع اللطائف والغرائب الصوفية، ثم رسالة الدكتوراه عام 2013 في موضوع: جماليات العجيب في الكتابات الصوفية، وصدر له أزيد من سبعين مؤلّفاً وبحثاً، ونال عدة جوائز عربية، منها جائزة ابن بطوطة للأدب الجغرافي عام 2016 في الإمارات العربية، وجائزة ناجي نعمان العالمية عام 2016 في لبنان، وجائزة أحمد مفدي للدراسات النقدية عام 2015 في المغرب، وجائزة الشيخ المختار الكنتي للثقافة العالِمة عام 2019 في موريتانيا، نشر العديد من المقالات في مجلات محكمة، وهو عضو لجان التحكيم في بعض الجامعات العربية والمجلات البحثية، وخبير في مناهج البحث والنشر، وله حضور بارز في المؤتمرات العربية والدولية.
ثم دراسة بعنوان: التصوف والمدينة؛ الحركة الصوفية في اللاذقية، للدكتور قصي حاتم، وهومن مواليد الجمهورية العربية السورية، وقد عرف عنه الاهتمام بدراسات التراث والتاريخ العربي. له عدة مساهمات في شتى أنواع القضايا الاجتماعية والأنثربولوجية.
ودراسة التصوف وعلم القانون: مدخل موجز لتأطير العلاقة، للدكتور البحريني علي الصديقي، وهو حاصل على دكتوراه في القانون. يدرس مواد قانونية في كلية الحقوق بجامعة البحرين، كما أنه عضو لجنة الخبراء القانونيين في منظمة العمل العربية. يرأس تحرير مجلة “الحقوقية” البحرينية. له عدّة كتب منشورة ومقالات كثيرة مطبوعة. مهتمٌ بالفكر والتراث ومستجدات القانون. كما أن له قناة يوتيوبيّة تهدف إلى رفع سقف الوعي العربي.
ثم دراسة التصوّف والعمارة الروحيّة؛ تَهْيِئَةُ المسجد للقاء المتعالي بالفاني: قراءة روحانية للمكان، أنجزتها الدكتورة أناليزا أورسيلي-ديكسون، وهي باحثة في الفنّ الإسلامي وعلاقته بالروح والرمز الصوفي. عملت في الأكاديميات والجامعات الأسترالية. لها محاضرات وبحوث وكتب في هذه القضايا الدقيقة. واشتهرت بروحانياتها ورؤيتها الفلسفية العميقة للدين الإسلامي.
ودراسة أخرى حول التصوّف والمثنوي: التاجر وطائر الببغاء.. من مثنويّات جلال الدين الرومي، ترجمة وشرح الدكتور محمد عبد السلام طه الكفافيّ، ولد في مدينة دمياط – جمهورية مصر العربية. عمل مدرساً في كلية الآداب جامعة القاهرة (1950)، ثم محاضراً في جامعات أميركا (1953 – 1955)، فأستاذاً في جامعة بيروت العربية (1955). تولى عمادة كلية الآداب في جامعة بيروت (1964)، ثم عمادة كلية الآداب في جامعة القاهرة. كان عضواً في الجمعية التاريخية، وعضو جمعية المكتبات في القاهرة. له مؤلفات مطبوعة تزيد على خمسة عشر كتاباً، منها: “ترجمة وشرح مثنوي جلال الدين الرومي شاعر الصوفية الأكبر” (جـ1) – القاهرة 1966، وطبعت الأجزاء الثاني والثالث والرابع بعد وفاته، و”في أدب الفرس وحضارتهم” 1967، و”جلال الدين الرومي في حياته وشعره” 1970، و”دراسات في علوم القرآن” 1972، و”مختارات من كتاب النصيحة لفريد الدين العطار” (منظومة للشعر الصوفي) 1972.
وللمفكر البحريني الدكتور محمد الزكري دراسة ثانية في هذا الكتاب بعنوان: التصوّف والعلمانيّة؛ شغفُ المرجعيات العلمانية بالأفق الصوفي.
وكتب في العلاقة بين التصوف والفنّ؛ الحضور الصوفي في الإبداعات الفنيّة المُعاصرة، الكاتب والمفكر المغربي الدكتور منتصر حمّادة، وهو رئيس تحرير مجلة “أفكار”، ومدير مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث، الرباط، منسّق تقرير الحالة الدينية في المغرب الذي يصدر عن المركز. شارك في عدد من المؤتمرات داخل وخارج المغرب، صدرت له مجموعة من الدراسات والمؤلفات، منها: “في نقد خطاب 11 شتنبر” (2002)، “المسلمون وسؤال تنظيم القاعدة” (2007) “في نقد تنظيم القاعدة: مساهمة في دحض أطروحات الحركات الإسلامية الجهادية”، مركز الجزيرة، (2010)، “الوهابية في المغرب”، دار توبقال، (2012)، “في نقد العقل السلفي”، المركز الثقافي العربي، (2014)، “الخطاب الوعظي المعاصر: مساهمة في نقد ظاهرة الدعاة الجدد” (2019).
ودراسة تحمل عنوان التصوف واللغة؛ الشعر والرمز في الخطاب الصوفي، انتقاه وفرّغ نصّه: محمود رشدي عبد المنعم وياسمين محمد عزّت. حرّرها الدكتور إيهاب حمّاد، وهو من مواليد لبنان سنة 1973. تلقى علومه الابتدائية في مدرسة الراهبات في القاع. تخصص في اللغة العربية وآدابها، ونال إجازة من كلية الآداب في الجامعة اللبنانية، كما نال شهادة دكتوراه في اللغة العربية وآدابها من الجامعة اللبنانية سنة 2014. درّس أصول التدقيق وفنّ الإلقاء لصفوف الماجستير في الجامعة اللبنانية في فرعيها الرابع والخامس (صيدا وزحلة). وشارك في عدد من الأمسيات والمؤتمرات الأدبية والفكرية في لبنان والخارج. أصدر أربع مجموعات شعرية هي: الرسم على الماء، وبنات الظل، والريح ظلاً، والأربعون ظلاً. كما أصدر في النقد الأدبي وأصول التدقيق: الفاعلية الصوفية والوجودية في الشعر اللبناني الحديث، أدونيس في كتاب الحصار بين البنية والرؤية، وأصول التدقيق اللغوي.
وتضمن الكتاب أيضاً دراسة بعنوان: التصوف والبيئة؛ نهج المتصوّفة في تصميم الحديقة الفارسية، للدكتور حميد شيرفاني، وهو مدير الدراسات العليا وأستاذ مشارك في هندسة المناظر الطبيعية والتخطيط العمرانيّ في كلية هندسة المناظر الطبيعية في جامعة ولاية نيويورك. حصل على الدكتوراه وعلى ماجستير في التخطيط الحضري والإقليمي من جامعة برينستون وماجستير في القانون من جامعة هارفارد. وقد نشر أبحاثا على نطاق واسع حول التخطيط البيئي والتصميم الحضري كان آخرها: التصميم الحضري: مرجع شامل (1980)، مراجعة التصميم الحضري (1981)، وعملية التصميم الحضري (1985). والدكتور شيرفاني حالياً عضو في هيئة التحرير الاستشارية لمجلّة جمعية التخطيط الأميركية.
أما دراسة: التصوّف والعلاج؛ العلاج الروحيّ في صالونات المتصوفات، فقد أنجزتها الدكتورة منى برهان غزال، وهي من مواليد سوريا ومن رعايا مملكة البحرين. انطلقت معرفياً بنشر ثلاثة كتب في الشعر والأدب العربي، ثم طبعت عدّة كتب في مواضيع التاريخ القديم والحديث. ونزل لها موسوعات نسائية عدّة وقضايا فلسفية، طبع منها أربعة كتب. حالياً تهتم بميتافيزيقيا الحبّ والتصوف ما بين واقع التاريخ وواقع السلوك للوصول إلى المعارج الإلهية، وصل عدد المطبوع من كتبها إلى ثلاثة وعشرين كتاباً وهناك عشرة كتب أخرى هي قيد الطبع. تعيش حالياً في أحد أرياف مملكة البحرين الهادئة كأرملة وأمّ لأربعة من الأولاد وعدد من الأحفاد. كما أن لها قناة يوتيوبيّة تهدف إلى نشر ثقافة الحبّ والشعر والتصوف.
وللمفكر والباحث المغربي الدكتور منتصر حمادة دراسة ثانية منشورة ضمن هذا الكتاب في موضوع فريد من نوعه يحمل عنوان: التصوّف والتحوّل إلى الإسلام: اعتناق الإسلام في أوروبا عبر البوابة الصوّفية.
ثم دراسة ثالثة منشورة في الكتاب للمفكر البحريني الدكتور محمد الزكري تحمل عنوان: التصوّف والاستمرار: سر بقاء المتصوّفة أقدم حركة إسلامية.
وضمن مواد الكتاب دراسة حول التصوّف والأدب: قصّةُ العطّار عبد القادر، للدكتور إياد النجّار من مواليد الجمهورية العربية السورية. وله مجموعة من القصص والروايات الهادفة.
وقد اختتمت الكتاب الدكتورة منى غزال بمقال موسوم بعنوان: مقامات ملوّنة: مَقَامَاتُ المُتَصَوّفات والمُتَصَوّفِيْنَ بَيْنَ الدّعَـاءِ والانكسار.