بقلم: فـريد زمكحل
عادت أجواء الحرب الباردة من جديد بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية في ظل توقّع بعض الخبراء من الكتَاب والمحللين السياسيين استمرار المناوشات الغربية مع روسيا حول أوكرانيا نتيجة شعور الدول الأوروبية بتعرض أمنها القومي لتهديد حقيقي صريح بعد قيام الرئيس الروسي بوتين بحشد نحو 170 ألف جندياً روسياً على الحدود مع أوكرانيا، مع وجود مخاوف حقيقية من اجتياح صيني لتايوان في أي وقت، مما يُثير مخاوف بعض القوى الأسيوية، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، علاوة على وجود بعض الأنظمة مثل النظام التركي والنظام الإيراني، اللذين يسعيان بشدة لامتلاك عناصر القوة النووية التي ربما لا تسعد النظامين الروسي والصيني كثيراً، إلا أنها أصبحت من ضروريات ومقتضيات الحرب الباردة الجديدة، نظراً لأهمية إيران وحجم مواردها وطبيعة جغرافيتها المهمة في هذا الصراع الخطير والمرشح للتفاقم.
والذي يؤكد فيه بعض المتخصصون في الشأن الدولي، بأنه لا مانع عند الصين من دفع الأمور إلى حافة الاستخدامات النووية من أجل «تايوان» في الوقت الذي تبدو فيه واشنطن غير قادرة على كبح التطلعات الصينية من خلال الحل العسكري التقليدي، ولا تُريد التورط في حرب نووية الكل فيها خاسر لا محال، بالرغم من التصعيد الأمريكي الغربي شديد اللهجة تجاه ما تقوم به موسكو من نشر المزيد من قواتها العسكرية على الحدود الأوكرانية التي تصف حكومتها هذه التصريحات بالخافتة وتعتبرها بمثابة تخلياً أمريكياً غربياً عنها.
وفي اعتقادي بأن العالم إزاء فصل جديد من التصعيد بين الدولتين الروسية والأمريكية وأمام مشهد يثير الكثير من القلق الحقيقي من احتمالية الإنزلاق إلى حد المواجهة غير المحسوبة جيداً، خاصة مع الخوف الأمريكي الواضح من التشتت بين صراعين كبيرين ضد روسيا من جانب، والصين من جانب، مع الموقف المتردد الواضح لبعض الدول الأوروبية الذي يتحكم في مواقفها النهائية من الصراع حاجتها الشديدة إلى الغاز، بينما يرى البعض بأن عصر الصعود الصيني قد بدأ في ظل تعاظم قدراتها في العديد من المجالات، خاصة في المجال التكنولوجي، الأمر الذي يتماشى مع إستراتيجية الصين الهادفة لتوسيع نطاق نفوذها بإصرار وثبات، معتمدة في ذلك على سياسة النفس الطويل. مقابل التردد الأمريكي وحالة التراخي الغربي السائدة حالياً نتيجة حالة اللا ثقة التي نشأت في الفترة الأخيرة بين أمريكا وبين حلفائها من الدول الغربية في مقابل التعزيز المستمر للمحور الثلاثي الروسي الصيني الإيراني الذي نجح في كسب الهند لصفه حتى الآن على الأقل.