بقلم: كلودين كرمة
الحب هو من أروع المشاعر الإنسانية وأرقاها على الإطلاق ؛ وللحب معانى كثيرة ومرادفات لا تعد كل حرف فيها له دلالة على جماله وأهميته وبترتيب الحروف تصاغ ابلغ الكلمات والتى بتواليها تعطينا مناهج الحياة وحكم تنير العقول وتبهج القلوب وتنعش النفوس ، تزيدنا تدبيرا وحسن التقدير ومهارة فى التواصل ؛ فهى كلمات من نور تتلألأ مثل أشعة الشمس فترسل بريقها بعيدا يجذب العيون و يداعب القلوب .. فلا يكون بوسعها إلا أن تساع العالم بأسره بقسوته وأحزانه قبل بهجته وأفراحه ، كما يمكنها إبرام صفقات ناجحة لإحلال السلام مع المشاغبين و هذا هدف لا مجال لمقايضته لأن هذه القلوب الصافية تنبذ العنف والغضب وتطرد أى جسم غريب عنها حتى لا يحل بها الظلام فإنها ترفض وبشدة التلوث بالمشاعر الخادعة والأفكار الشريرة وترفض أن تساير الغرائز البذيئة أو تتبنى أى فكر مزعج يسلبها سلامها ؛ فهى كالمياه الجارية التى تحتفظ دائما بنقائها وصفائها حتى يرتوى منها العطشى فتمنحهم الأمان والاطمئنان و تثبت عقيدة الإيمان بفاعلية الخير وقدرته فى دفع كل ما هو جائر و رخيص كما تمنحهم القوة الدافعة لإستكمال المسيرة بثبات وإصرار.. وهذا ما صاغه شاعرنا الأستاذ فريد زمكحل فى قصيده له بعنوان “ كنزى الثمين” ولكن و بالحقيقة إن ثبات الفكر والإيمان بقوة الحب وقدرته فى تغيير الواقع الأليم وجبر القلوب المنكسرة وتصحيح المسار يصنع المعجزات ؛ فعندما نمنح بالحب الصادق الأمل لإنسان يائس ليس له سند ولا قوة لديه ، قليل الحيلة ، ألا نكون بذلك قد منحناه ثقة بنفسه وحياة أفضل وثقة بنفسه و جعلنا منه نبراسا يرشد غيره وطاقة تستطيع أن تحيى فى عالمنا مشاعر جميلة قد طمستها الأنانية و تعارض المصالح والإنتهازية؟
دون شك وللأسف لقد تطبع الإنسان بطباع الحيوان، تدفعه غرائزه لنيل ما يبتغى دون شعور أو تمييز ؛ دون تفكير سوي فيما هو لائق وغير لأئق ؛ لم يعد يهتم بتقدير الناس له او بحكم المجتمع على مظهره أو سلوكه وذلك تحت مسمى “ الحرية الشخصية “ كما أنه لا يعتبر الخير ولا يكترث بما يسببه للأخرين من ألم وما يلحق بهم من خسارة ؛ وأصبح همه هو إعتلاء المناصب والمكسب الوفير ونيل الحصانة ؛ كما أصبحت الحكمة – وقد تغير تعريفها – هو الدهاء والمكر والغش ، والأهم هو الحصول بقدر الإمكان على مميزات وترسيخ علاقات حتى يتسنى له دفن الحقيقة وأحياء الخداع بمظهر براق لا ريب فيه فيلفت إليه الأنظار ويصبح عنواناً للشرف الزائف ويلتف حوله المنتفعين ويسود الفساد ويتفشى مرض ‘ الضمير المتعفن ‘ فيقلب الموازين ويشوه المبادئ والمثل .. فإن كان الحب يعرب عن أنبل المشاعر وحسن الظن وتقدير الجمال ، ويمنح الوجدان القدرة على الفهم والإدراك حتى يتمكن من التعبير بأبلغ الكلمات عن أصدق إحساس ؛ و إن كان للحب دور فعال فى إزاحة القبح والألم ونبذ العنف والإساءة و التغلب على البغض و اماتة شهوة الإنتقام و تجنب الكذب وطرح الخداع وإقصاء الشر والأذى ، فهنيئا لنا بهذا الحب وقدرته على خلق الجنة على الأرض فيكون كل يوم من أيامنا عيدا له نحتفل به ونرحب به بيننا نسكنه فى اعماق قلوبنا فلا يجسر على أحد اقتلاعه من أحشائنا ولا نفرط به وندافع عنه دفاعنا عن عزتنا وشرفنا وكياننا فهو موطننا رغم احتوائنا له فبدونه نتوه فى ظلمة هذه الحياة فلا نستدل على قرين أو حبيب ولا يعد للخلان وجود ولا للأهل مكان ..فهو حجر الأساس فى علاقاتنا المتعددة فإن كنا نتمتع بقلب من ذهب وفكر صاف ونفس هادئه فمن دون شك سنحتمى بفضائلنا من كل شر يداهمنا أما عيد القديس فالنتين و هو المترجم مجازا بعيد الحب ، فهو أيضا عيدا عظيما يستحق الإحتفال به بطريقة خاصة جدا ، إذ أن هذا القديس أصر على تنفيذ الوصايا الإلهية وعدم الخضوع للإمبراطور كلوديوس الثانى الطاغية، الذى أصدر قراراً بمنع الزواج بين المتحابين وهذا مخالف للأمر الإلهى بضرورة تتويج العلاقات بإتمام الزواج فأصدر الطاغية أمرا بقطع رأسه وسفك دمه فإستشهد من كان يُتمم سر الزيجة ويحمى الشباب من السقوط فى الخطيئة..القديس فالنتين كان يحمى الحب ويضعه فى مساره الصحيح فالسلام لإسمه وليظل دائما طالبا عنا حتى ينقى الحب قلوبنا وينير اذهاننا حتى نراه فى كل المحيطين بنا .