بقلم : خالد بنيصغي
إن العالم شبيه بالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو واحد تداعى باقي الأعضاء بسببه بالسهر والحمى .. في الصين ظهر فيروس “ كورونا “ الذي لازال يحصد أرواح العديد من المواطنين خاصة في إقليم “ هوبي “ مركز الوباء . وصل عدد الوفيات من جراء فيروس كورنا إلى 910 أشخاص، وتوفي الأحد الماضي 97 شخصا، وهو أكبر عدد من حالات الوفاة في يوم واحد منذ اكتشاف تفشي الفيروس أول مرة في ديسمبر الماضي في مدينة “ ووهان “ عاصمة إقليم هوبي في الصين ، وخارج الصين، انتشر الفيروس في 27 دولة ومنطقة وفقا لإحصاءات رويترز استنادا إلى التقارير الرسمية وأصاب أكثر من 330 شخصا. وسُجلت حالتا وفاة خارج البر الرئيسي للصين في هونج كونج والفلبين. وكلاهما من مواطني الصين .
لكن المرض لم يقف عند هذا الحد بل تجاوز الجسد والصحة إلى الاقتصاد العالمي ، وأصبح يهدد دولا عدة بأزمات اقتصادية كبيرة لها انعكاسات سلبية على المستوى الاجتماعي والسياسي لهذه البلدان .
فقد حذّرت إيلين فالد، خبيرة أسواق الطاقة الأمريكية، من تداعيات انتشار فيروس “كورونا” الجديد على الدول المنتجة للبترول بسبب المخاوف من تراجع الطلب على الطاقة، وبخاصة في الصين الأشد تضررا من الفيروس والأكثر استيرادا للنفط على مستوى العالم.
وقالت فالد، في تقرير نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، إن المخاوف من التداعيات الاقتصادية لأزمة فيروس “كورونا” دفعت أسعار النفط العالمية إلى أقل مستوياتها منذ أكثر من عام، على الرغم من خفض الدول المنتجة لإنتاجها في وقت سابق؛ وهو ما يهدد بصدمات اقتصادية للدول النفطية، تفتح الباب أمام اضطرابات سياسية وإقليمية في هذه الدول.
وكانت الإدارة العامة للجمارك الصينية قد ذكرت أن واردات الصين من النفط، خلال العام الماضي، بلغت حوالي 11 مليون برميل يوميا لتصبح أكبر مستورد للنفط في العالم وبفارق كبير عن المركز الثاني؛ في حين أن السعودية وروسيا هما أكبر مصدرين للنفط إلى الصين.
إن “حدوث سيناريو انخفاض الطلب مع انخفاض الإنتاج يعني تراجع إيرادات الدول النفطية الكبرى، وبالتالي ارتفاع العجز في ميزانيتها؛ وهو ما يعني تراجع الخدمات العامة التي توفرها حكومات هذه الدول لمواطنيها. فإذا استمر هذا الوضع لفترة طويلة نسبيا، فقد تشهد هذه الدول تداعيات سياسية واجتماعية للازمة”.
وبالنسبة إلى الولايات المتحدة، وهي أكبر دولة منتجة للنفط في العالم حاليا، ترى إيلين فالد أن أمريكا ستعاني من تداعيات “كورونا” أيضا؛ ولكن بشكل مختلف. فعلى عكس دول “أوبك بلس”، وصل إنتاج شركات النفط في الولايات المتحدة، وخاصة من الزيت الصخري، إلى أعلى مستوياته تقريبا. فإذا تراجعت الأسعار، ومع ارتفاع تكاليف الإنتاج في الولايات المتحدة، وخاصة الزيت الصخري أيضا، واستمر التراجع لفترة طويلة، فإن فقاعة قطاع النفط الأمريكي ستنفجر لتنطلق موجة إفلاس بين الشركات الأمريكية وعمليات تسريح للعمال. وعلى الرغم من أن أزمة فيروس “كورونا” ستؤدي إلى انخفاض أسعار البنزين بالنسبة إلى المستهلكين الأمريكيين، فإنها قد تضر بالدرجة نفسها بالاقتصاد الأمريكي في أحد أنجح قطاعاته”.
والجدير بالذكر أن علماء الطب أكدوا أن اللقاح ضد “ كورونا “ لن يكون متوفرا إلا بعد سنة ونصف (18 شهرا ) في حين أن الوفيات بسبب هذا الفيروس تجاوز عتبة الألف ، أما المصابين به فهو في ارتفاع مستمر بأرقام مخيفة تجاوزت الأربعين ألف مصاب بهذ الداء الفتاك .