شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الخميس، فعاليات الندوة التثقيفية الـ 29 للقوات المسلحة تحت عنوان (أكتوبر..تواصل الأجيال) بمركز المنارة للمؤتمرات، التي تنظمها إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة؛ تزامنًا مع الاحتفالات بذكرى انتصارات أكتوبر.
حضر الندوة رئيس الوزراء مصطفي مدبولي، والفريق أول محمد زكي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، وعدد من كبار رجال الدولة وقادة وضباط القوات المسلحة والشرطة.
كما شهدت فعاليات الندوة عرض فيلم تسجيلي عن أبطال حرب أكتوبر ومشاهد من المعركة، ولحظة عبور القوات المسلحة المصرية لخط بارليف المنيع.
واستعرض الفيلم الإنجازات والتنمية التي تشهدها سيناء حاليًا في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، مثل “كوبري الشهيد أحمد منسي وقناة السويس الجديدة والأنفاق وعمليات البناء والتعمير المستمرة”.
هذا وقد أكد الرئيس السيسي، في كلمته خلال فعاليات الندوة التثقيفية، أن مصر لم تفقد الإرادة بعد هزيمة 67 وتم العمل بكل قوة على إعادة بناء القوات المسلحة.
وقال الرئيس السيسي “الحقيقة لم يكن لي كلمة مرتبة اليوم بهذه المناسبة..وأحدثكم كإنسان وليس كرئيس مصر عن مرحلتين، المرحلة الآن ونعيشها جميعًا، ومرحلة كنا نتحدث عنها”.
وأضاف الرئيس “أنا من الجيل الذي عاش المرحلتين، وأتذكرهما بدقة شديدة، ولذلك لم أكتب أي شيء، أنا سأتحدث كإنسان عاش المرحلتين”، متابعا قوله “يوجد كلام كثير في الفيلمين المعروضين خلال الندوة من القادة الذين تحدثوا، لكن في كلام عندما يقال نحتاج إلى أن نعيشه ونتذوقه”.
وتابع الرئيس “أنا عشت هزيمة 67..لم أكن كبيرًا وقتها، ولكن أتذكر كل التفاصيل، وأتذكر كل مقال كتب في هذا الوقت، وأتذكر مرارة الهزيمة التي عاشتها مصر وقتها، ونحن نعيش الآن معركة ضد الإرهاب، لكن الفرق بين المعركتين كبير.. المعركة الأولى كانت معالمها واضحة، نعرف الخصم والعدو، وكنا نعلم إمكانياتنا بعد الهزيمة، ولم نفقد الإرادة”.
وأضاف الرئيس “إن الصورة كانت واضحة وتم إعادة بناء الجيش بشكل أو بآخر في إطار الإمكانيات والظروف..والمعادلة الدولية في هذا الوقت لم تكن مثل الآن، بمعنى أن الحصول على سلاح في هذا الوقت كان مختلفًا عن الوقت الحالي”.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي “إنه في عام 1967، كان هناك معسكران لا نستطيع شراء السلاح إلا منهما، وحسب ظروفنا الاقتصادية وحسب توازنات كانت موجودة في هذا الوقت، تم بناء القوات المسلحة”.
وأضاف السيسي “رغم أن الدولة كانت كلها متماسكة وواضحة وكانت تتحرك مع بعضها في هذا الوقت، لكن الرأي العام كان ضاغطا جدا على القيادة السياسية للتحرك من أجل الحرب”.
وتابع “في هذا الوقت، لم نكن قد استكملنا استعداداتنا للحرب، وكثير من القادة يتذكرون عامي 1970 و1971”.
وأضاف السيسي “كان الرئيس محمد أنور السادات صاحب قرار مهم يقدره المصريون حتى هذا الوقت، وسوف نذكره وسيذكره التاريخ دائما أنه أخذ هذا القرار رغم أن المقارنة لم تكن في صالح الجيش المصري في هذا الوقت، وكان فرق القوة كبيرا لصالح الخصم، بدءا من الحديث على قناة السويس كمانع مائي والساتر الترابي لخط بارليف الموجود فيها”.
وأشار إلى أنه “كانت هناك مقالة للكاتب الراحل محمد حسنين هيكل تتحدث عن تحديات العبور، وتتضمن تفاصيل عن قدرة وإمكانيات هذا الساتر وخط بارليف في منع القوات المصرية من العبور، وقال الروس إن هذا الأمر يحتاج إلى قنبلة ذرية لاقتحامه والتعامل معه، ونحن لا نملك القنبلة الذرية، وإن 30 أو 40 ألفًا وقد يصل إلى 50 ألفًا من القوات التي ستعبر القناة ستستشهد نتيجة العبور في ظل هذه الظروف”.
وقال الرئيس السيسي “إن القيادة السياسية في ذلك الوقت كانت مضغوطة جدًا في تقديري؛ نظرًا لعدم اكتمال الصورة في نفوس الناس، وأنا أتصور أن هذا أكبر تحدي سيقابل أي قائد في أي وقت، وهو أن الصورة تكون غير مكتملة في عقول كل الناس”.
وتابع الرئيس السيسي “إذا كنت تريد أن تحشد الناس معك فلابد أن يعرف الناس التفاصيل والواقع الحقيقي، فكان طلبة الجامعات في ذلك الوقت يقوموا بالمظاهرات لأنهم يريدون أن يحاربوا، فأنا إذا أردت أن أحارب واتخذت قرار الحرب في ذلك الوقت وفشلنا مرة أخرى، من كان سيدفع الثمن، الذي قام بالمظاهرة أم الذي اتخذ القرار؟، من كان سيدفع الثمن.. جيش مصر، وشعب مصر، أم الناس التي قامت بالضغط على القيادة لاتخاذ قرار غير مناسب في وقت غير مناسب، أنا أقول هذا الكلام لأن كثير من الأجيال الجديدة لا تعرف ولم تعش ولم تذق واقع الهزيمة التي عاشتها مصر عام 1967 وما بعدها، الشعب المصري بأكمله دفع الثمن كما قلنا قبل ذلك كثيرًا، وكانت الناس مضغوطة ومحرومة وتعاني ولا يوجد أمل”.
وأضاف السيسي “كان الشباب يدخلون الجيش وكان في ذلك الوقت تحت السلاح ما لا يقل عن مليون فرد، ولم يكن لديهم أمل أبدًا أنهم من الممكن أن يخرجوا من الجيش إلا بعد انتهاء المعركة، لم يكن لديهم أمل أبدًا في الغد، وهل بعد هذه الحرب وخسائرها المحتملة سنكون قادرين على أن يكون هناك بناء داخل الدولة يحقق آمال الملايين التي نتحدث عنهم”.
وتابع “الذي أريد أن أقوله فيما يخص مرحلة عام 67 والهدف من الذي أقوله كله شئ واحد فقط وهو استيعاب الناس للواقع الحقيقي الذي تقابله الدولة لكي يستطيعوا إنجاح القرار المطلوب”.
وأضاف الرئيس السيسي “دعوني أتحدث عن قرار اللواء المرحوم باقي زكي يوسف في فكرته (الخاصة باستخدام مضخات المياه لفتح ثغرات في خط بارليف) كان من الممكن اعتبار ذلك أمرًا غير منطقي بل ومدعاة لسخرية البعض لإنجاز مهمة تدمير خط بارليف..لكن ما حدث أن الجيش تعامل بجدية مع الفكرة وأخضعها للتجربة بشكل سري والتي أثبتت نجاحها وهو ما يؤكد ضرورة أن نتعامل مع أي فكرة على أنها تظل بحاجة للتجربة وإخضاعها للواقع الذي يظهر ما إذا كانت صحيحة وواقعية من عدمه”.
وقال “إن مهمة القوات المسلحة في حرب أكتوبر 1973 كانت الوصول إلى مسافة تبعد حوالي 20 كيلومترًا شرق القناة، وتساءل الكثيرون وقتها لماذا لم تكتمل المهمة حتى نصل إلى الحدود، لكننا كدولة ومؤسسات معنية بالأمر لم نكن نستطيع فعل أكثر من ذلك، وكأننا نستحي أن نقول ذلك، وتلك إشكالية كبيرة في بناء فكرنا ووعينا”.
وأضاف السيسي “من الممكن أن يتساءل البعض عن كوني رئيس جمهورية مصر العربية وأقول هذا الكلام والعالم كله يسمع هذا الحديث، نعم أقوله، حتى أعطي الجيش ما يستحقه من قيمة وتقدير، حيث خاض الحرب بكل بسالة، بل إن بعض رجاله بدأوا باقتحام المواقع حتى قبل وصول الأوامر إليه من فرط حماسهم، فقد كان الجيش على علم بحجم قدرات الدولة، ولكنه خاض المعركة بكل رجولة وعرَّض نفسه للتضحية والاستشهاد من أجل كرامة الوطن”.
وتابع “هذا الكلام يجب أن يُدرس ويتعلمه الجميع حتى يعلموا معنى الدولة والوطن، وكيف تنهض الدول، وما هي حساباتها، وأنا أتحدث اليوم بعد 50 عاما، ولم يستطع أي شخص أن يفصح عن هذا الكلام بشكل علني وعلمي للجميع في مصر، إن أقصى ما كنا نستطيع فعله آنذاك هو عبور الـ20 كيلومترًا فقط، لأن قدراتنا لم تكن تسمح إلا بذلك، وهنا تكمن مسؤولية اتخاذ القرار في ضوء الظروف الدولية وقتها وفي ضوء الفارق الكبير في أسلحة وقدرات الطرف الآخر”.
وأردف الرئيس السيسي قائلًا “أنا أتحدث مع أفراد الجيش الذين يسمعوني، والرأي العام الذي يعي ما أقول، لم نستطع وقتها أن نفعل ما هو أكثر من ذلك، لأن مقارنة القوات وقتها كانت تفرض ذلك، وقدرات الخصم كانت ضخمة جدا، وبالتالي كانت قدراتنا على الحصول على الأسلحة محدودة جدا، في ظل الظروف الصعبة وقتها، وأود أن أقول لا تضع ظروف الواقع الذي نعيشه الآن في مصر والظروف الدولية على أنها كانت موجودة منذ 50 عامًا أو أكثر، بل كان الوضع مختلفًا تمامًا، ولذلك فإن الجيش في مصر وقرار الحرب والنتائج التي تحققت عليه هي معجزة بكل المعايير والحسابات”.
وأضاف “رغم كل التحديات التي تحدثت عنها، ورغم شبح الهزيمة والتجربة المريرة في عام 1967، لكن الجيش المصري استطاع أن يأخذ القرار ويشترك في الحرب ويقاتل ويصمد ويحقق أكبر هزيمة للخصم، ولا يمكن أبدا أن يعطيكم أي شخص وقتها الأرض إلا بعد أن يذوق ثمن الحرب الحقيقية، وفي هذا الوقت كانت الخسائر كبيرة، وكانت تلك أهم الأسباب التي دفعت إسرائيل للموافقة على السلام، فقد كانت الخسائر البشرية الكبيرة التي كانت بالآلاف بين قتيل ومصاب بمثابة أمر لم تكن الأسر الإسرائيلية على استعداد لتكراره، حيث وصلوا إلى قناعة بأنه إذا كان الجيش المصري قد فعلها مرة، فهو قادر على فعلها كل مرة”.
وقال الرئيس السيسي إن ما حققه المصريون في أكتوبر 73 وما تكبدته إسرائيل وقتها من خسائر عسكرية وبشرية كبيرة جعل الجانب الإسرائيلي قراره الاستراتيجي هو عمل سلام مع مصر، تستعيد الأخيرة بمقتضاه أرضها حتى لا تعاني إسرائيل مرة ثانية مثل هذه الخسائر.
وهنا تساءل الرئيس “هل هذه الخسائر الكبيرة التي تكبدتها إسرائيل في المواجهة المصرية تكررت منذ 73 حتى الآن؟”، وقال إن مصر وجيشها قد دفعوا ثمنا كبيرا للوصول إلى هذه النتيجة بالإرادة والتخطيط والمخاطرة والتضحية بالدم.
وأضاف الرئيس السيسي أنه يحرص على الإشارة إلى هذه الخلفية “ليؤكد على أن المعركة لم تنته بعد، فالمعركة مازالت موجودة حاليا، وإن كانت بمفردات مختلفة، لأنه في الحالة الأولى كان العدو والخصم واضحا أما الآن فقد أصبح العدو غير واضح بل أصبح موجودا معنا وبيننا، فقد استطاعوا من خلال الفكر المغلوط أن ينشؤوا عدوا بداخلنا يسعى لهدمنا”.
وقال الرئيس إن “التحدي الذي علينا الانتباه إليه الآن هو ضرورة بناء وعينا الصحيح وهنا فإني أخاطب الجميع بكل مستوياتهم وثقافاتهم أن عليكم إدراك الصورة الكلية للواقع الذي نعيشه ولا ننتبه لأي كلام غير ذلك مهما بدا الكلام مرتبا ومعسولا”.
وأضاف “نحن نسمع كلام كثير جدا ولكن عندما يأتي وقت التنفيذ نجد أن المواضيع تصبح بعيدة جدا على هذا الكلام، وأنا كثيرا ما سمعت كلاما مرتبا عن واقعنا ومستقبلنا تبين أنه لا يرتكز على الوقائع والحقائق والعلم”.
وقال السيسي “أقول دائمًا إن ما حدث في عام 2011 هو علاج خاطئ لتشخيص خاطئ، فقد قدموا للناس صورة مفادها أن الأمور تتغير بمجرد تغيير أشخاص، وكأن هناك عصا سحرية ستحل جميع المسائل وبالطبع هذا غير صحيح.. وأنا أتحدث معكم الآن بكل صدق”.
واستطرد الرئيس قائلًا “منذ 55 سنة أتابع مصر بدقة بكل تفاصيلها وظروفها بما ذلك أسباب تعثرها حتى تكون لدي الإرادة لاتخاذ القرار حتى لا نصل إلى طريق مسدود”.
وأكد الرئيس “إن المعركة لم تنته مع اختلاف الظروف والتفاصيل، حيث إن معركة الأمس كان لها شكل محدد وكان العدو فيها واضحًا ومحددًا، والآن المعركة ليست هكذا، فقد اختلفت أدواتها كثيرًا وأصبح العدو بداخلنا وتغير الثمن الذي ندفعه”.
وتابع “ونحن الآن دخلنا إلى السنة السادسة في معركة مكافحة الإرهاب..وصحيح قد حققنا نجاحًا كبيرًا وتقدمًا كبيرًا في هذه المعركة، لكنها لا تزال مستمرة”.
وتساءل “هل الصورة الكلية للواقع الموجود في مصر تتطور فعليًا بما يواكب التطورات على أرض الواقع الذي أتحدث عنه، أم أننا انشغلنا عن ذلك، وغابت جرعات الوعي اللازم عند الكثيرين من القادة والمثقفين لحشد الفهم الصحيح للواقع الحقيقي الذي نعيشه حتى يدرك الجميع أن معركة مكافحة الإرهاب لم تنته بعد”.
وقال “أنا لا أقول هذا الكلام لاستدعي تخوفكم، ولكني أتحدث كإنسان مثلكم أراد أن يتحدث عن الواقع والحقائق كما هي، وكنت سأقول هذا الكلام حتى وإن لم أكن في مكاني الحالي..ما أريده هو أن أؤكد على ضرورة أن تكون الصورة الكلية والوعي الحقيقي مصاغة داخل عقول ونفوس المصريين الأسوياء الذين يشكلون الكتلة الصلبة لشعب لمصر هؤلاء هم من أتوجه لهم بالخطاب”.
ونبَّه الرئيس السيسي إلى ما تمثله مشكلة الزيادة الكبيرة في معدل النمو السكاني من تحدٍ لجهود الدولة لتحقيق التقدم المنشود وهو التحدي الذي لا بد من التعامل معه بالجدية اللازمة، قائلًا: “إن تعداد سكان مصر في الخمسينيات من القرن الماضي كان حوالي 20 مليون نسمة، وفي عام 1986 أي بعد 36 عاما أصبح المصريون 50 مليونًا، أما في الوقت الحالي نتحدث عن 100 مليون مواطن، فبعد أن كان العدد يتضاعف كل 35 عاما أصبح يتضاعف كل 30 عاما، وإذا استمر الوضع بهذه الطريقة، لن يكون هناك أمل في تحسن حقيقي لهذا الواقع”، لافتًا إلى أن “هناك 22 مليون شخص في مرحلة التعليم، فكيف يتلقون تعليما جيدا ويحصلون على فرص عمل في ظل ضخ مليون فرد في سوق العمل كل عام”.
وأضاف الرئيس السيسي “لا بد من توضيح هذه الصورة للناس”، مشيرًا إلى أن له مقدمة يصر على قولها في كل لقاء مع السادة الوزراء منذ توليه المسؤولية حتى الآن كي ينقلوها لكل العاملين في كافة القطاعات تحت إدارتهم، والهدف منها تشكيل وعي حقيقي بحجم التحدي الذي نعيشه على أرض الواقع”.
وتابع “إن ما يتم تحقيقه في الدولة سوف يضيع في حال عدم وجود وعي لدى المصريين في الجيش والشرطة وأجهزة الدولة والجامعات، وعلى الرأي العام في مصر أن يحافظ عليه”.
واستطرد الرئيس السيسي قائلًا: “إن حرب أكتوبر المجيدة 1973 هي معركة عظيمة ورائعة، ورجالها موجودون معنا، ولهم مني كل التقدير والتحية والاحترام على ما بذلوه”.
وأضاف “في ذلك الوقت، لم تكن أجهزة التليفزيون منتشرة، وأثناء السير في الشارع بمجرد أن نسمع الموسيقى الخاصة بالبيانات العسكرية التي تبثها أجهزة الراديو، ترى أن كل المصريين يقفون لسماع بيان القيادة العامة للقوات المسلحة بشأن الحرب في أثناء حرب الاستنزاف وحتى في أصعب أوقات الهزيمة، منتظرين شمعة أمل من خلال البطولات التي تم تقديمها في معارك رأس العش والجزيرة الخضراء وشدوان وإيلات وبناء حائط الصواريخ وغيرها”.
وتابع الرئيس السيسي “لقد عاش الشعب كل هذا الأمر، ورغم أن فرق القوة كان كبيرًا بين ما لدينا وما لدى الطرف الآخر في الإمكانيات العسكرية، وهذا لا يعيب جيش مصر، وهذا الأمر لا بد أن نقوله لكي نبني منطق وموضوعية وعلم حقيقي لدى المستمع، فلا بد أن نخاطب الناس دائما بالحقيقة وبالعلم وبالموضوعية، إلا أننا انتصرنا، وهذه كانت المعجزة والشرف والنصر، وهو ما كان تجسيدا لدقة ومسؤولية القرار”.
وشدد الرئيس السيسي، مرة أخرى في مداخلته أمام الندوة، على ضرورة أن يتذكر المصريون جميعا أن المعركة لم تنته، وإن كانت الأدوات والوسائل قد تغيرت، وقال إنه يوجه هذا الكلام للجيش والشرطة وأجهزة الدولة، والجامعة و الشباب بمصر، أسألهم هل سنتخلى عن مصر أم سنقف معها؟ حتى وإن تحملنا الصعاب، معيدا إلى الذاكرة ما تحمله المصريون من صعوبات أكثر شدة منذ هزيمة 67 وحتى تحقيق النصر، علما بأن معظم من كانوا في هذا الجيل لم يأخذ شيئا لنفسه.
وخاطب الرئيس السيسي، أبناء الشعب قائلا إنه “مثلما حافظ الجيل السابق على مصرنا الغالية فعليكم أن تحافظوا عليها، وكل المطلوب هو الفهم الصحيح لحقيقة الأمور والتحلي بالصبر، وأن نستمر في أن نبني ونعمر مهما كانت الصعوبات، وعلينا أن نقرأ ونتعلم كثيرا عما تعنيه كلمة دولة بمطالبها وتحدياتها، ولا نختزل الأمر في مجرد مطالب شخصية حتى لا تتعرض البلد لأي انهيار بفعل شائعات كاذبة وتحليلات زائفة، وفوضى في التقديرات خاصة وأن هناك من يتحدثون بكلام مرسل غير مستند على أي واقع حقيقي، وعلينا ألا ننسى أننا في بلد يزيد عدد سكانه على 100 مليون وموازنته المالية محدودة للوفاء باحتياجاتهم وتطلعاتهم”.
وقال الرئيس إن “هذه هي ظروفنا الاقتصادية وليس أمامنا إلا العمل الجاد والصبر، مشيرا إلى أنه على سبيل المثال فقد استجدت أعباء إضافية على الموازنة بسبب الارتفاع الحاد في أسعار البترول الذي وصل إلى 85 دولارا للبرميل بعد أن كان نصف هذا الثمن في بداية العام”.
وأكد الرئيس السيسي أن “المشاكل الموجودة على الساحة الآن لن تُحل إلا بإرادة المصريين والعمل الجاد والصبر، لأنه بدون ذلك سنكون قد خدعناكم ونقول كلامًا غير حقيقي”، قائلًا: “من الممكن أن تسألوني: أنت وعدتنا بحلول 30 يونيو 2020 أنك سوف ترينا بفضل الله دولة أخرى، وأنا أقول إن شاء الله سيحدث”.
ووجه الرئيس السيسي حديثه لوزير الكهرباء محمد شاكر، قائلًا “من فضلك يا دكتور ممكن تُطلِع المصريين على تكلفة الوقود للمحطات وما تتحمله الدولة من دعم إضافي نتيجة للارتفاع الكبير الذي طرأ على أسعار البترول عالميًا في الآونة الأخيرة”.
ورد وزير الكهرباء قائلًا “نحتاج هذا العام 90 مليار جنيه لدعم الوقود، في حين تصل تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية حاليًا (كيلو وات/ساعة) في ضوء أسعار البترول المرتفعة إلى حوالي 104 قروش لكل مليون وحدة حرارية، وهو ما يعني ارتفاع الفرق بين التكلفة الحقيقية وسعر البيع في المتوسط إلى حوالي 37 مليار جنيه، تُضاف إليها حوالي 40 مليار جنيه أخرى إذا ما ارتفع سعر الغاز الطبيعي كنتيجة لارتفاع البترول، وهذا يعني ارتفاع مقدار العجز ما بين الأموال التي نحصلها على ما نصرفها بالفعل من وقود لتصل لحوالي 77 مليار جنيه”.
عقب ذلك، علق الرئيس السيسي قائلًا “أنا فقط أحببت أن أسمعكم أن هذا الرقم الكبير هو لقطاع الكهرباء فقط، وفيما يتعلق بأسعار البترول ومشتقاته التي اضطررنا لرفعها أكثر من مرة، فقد أبلغني وزير البترول أمس أن الارتفاع الحالي في أسعار البترول عالميًا سيعني ارتفاع قيمة الدعم للوقود لتصل إلى 125 مليار جنيه”، وتساءل الرئيس: “من أين ستوفر مصر هذا المبلغ الإضافي الكبير؟ هل ستتركوني وحدي؟ أوعوا تكونوا فاكرين أني عايز أغلي أسعار الأشياء، لا لا لا، إنما أنا عايز أقول لكم إن البلد ماشية في ظل ظروف صعبة”.
ووجه الرئيس السيسي حديثه لوزير البترول طارق الملا، متسائلا: “كم سعر السولار حاليا؟”، فأجاب الوزير قائلا: “إن اللتر تخطى الـ9 جنيهات ونحن نبيعه بـ5.5 جنيه”.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي: “إن الله سبحانه وتعالي نجا مصر في عام 2011″، لافتا إلى أن “السنوات الماضية لم يكن الجيش ولا الشرطة هو من أنقذ مصر، بل هي الإرادة الإلهية أنقذتها من الانهيار”.
وأضاف “أود أن أقول لكل مصري لا يشعر بأن مصر تقدم له شيئا، أنت تتحدث تقريبا في 50% من ثمن السولار، ما يعني أن كل سيارة نقل تستخدم السولار تستهلك الوقود بنصف ثمنه، فمن يعطيه النصف الآخر؟ ليس أنا، بل أنتم، وبالمناسبة من سيتحمل ثمن البُعد والأسعار الواقعية هو أنتم ومستقبل البلاد”، متابعا: “إذا كنا سنظل مكبلين بالدعم لأي سلعة في مصر، لن تحقق الدولة الأهداف التي يتمناها شعبها، ولا يوجد أحد في العالم المتقدم الذي تقارنوننا به يفعل ما نفعله”.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي “إن هذه الأيام اللي نحتفل فيها بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة هي بفضل الله أيام جميلة وهذه الاحتفالات هي احتفالات عظيمة تستدعي ذكريات رائعة لشعب عظيم وجيش عظيم ومؤسسات دولة كلها تكاتفت في ذلك الوقت لتهيئ الدولة لظروف اقتصاد الحرب من أول الوزارات المختلفة إلى القوات المسلحة، فقد كان الكل له دوره في إعداد الدولة للحرب”.
وأضاف السيسي “أحببت أن أقول لكم مرة أخرى مخاطبا كل المصريين بمن فيهم قادة الجيش، لو سمحتم أنزلوا تحدثوا مع مرؤوسيكم وزملائكم، لكن على كل قائد في أي مستوى قبل أن يتحدث أن يكون قد شكَّل فهما صحيحا ووعيا حقيقيا بالأمور، بحيث لا يكون ما يقوله رأيا شخصيا، ولكن يكون مبنيا على حقائق الصورة الكلية والواقع الفعلي، ليفهم الجميع حقيقة الواقع الذي نعيشه والذي يحتاج منا أن نكون دائما متماسكين، وأن نعي ونفهم طبيعة المعركة التي نخوضها، بحيث ندرك أن العدو قد غيَّر أشكاله وأصبح بداخلنا ومنا”.
وأشار السيسي إلى الفارق الكبير بين من يضحي بحياته بكل أريحية من أجل الوطن وبين من يخون هذا الوطن، قائلًا “نحن نرى أناس كل آمالهم وفرحتهم أن تنال شرف الشهادة، بينما في المقابل نرى عكس ذلك لدى البعض”، مضيفًا: “يا ترى ما هو الفرق بين هشام عشماوي وأحمد المنسي، أنا أقول لكم الحكاية ببساطة إن هذا إنسان وهذا إنسان، وهذا ضابط وهذا ضابط، والاثنان كانا مع بعض في وحدة عسكرية واحدة، الفرق بينهما أن أحدهما قد خان، والآخر استمر على العهد والفهم الحقيقي لمقتضيات الحفاظ على الدولة المصرية وعلى أهل مصر، فهذا قدم لبلده الكثير وننظر له بملء العين، بينما الثاني نريده حتى نحاسبه”.
وفي ختام كلمته خلال الندوة التثقيفية الـ29 للقوات المسلحة: قال الرئيس السيسي: “كل سنة وأنتم طيبين، ربنا معكم، وموعدنا يوم 30 يونيو القادم إن شاء الله تشوفوا إيه الحكاية”.
المصدر: وكالات