الدكتور عبد العليم محمود
ما الفرق بين إصابة العين بالمياه البيضاء والمياه الزرقاء “الجلوكوميا”؟
أشرنا من قبل أن الإنسان في حالة الإصابة بالمياه البيضاء يشكو من فقد البصر أو ضعفه بمرور الوقت، ودون ألم وبصفة مؤقتة لأن الخسارة مؤقتة حيث تعوض في النهاية باستخراج أو إزالة هذه العدسة المعتمة.. ولكن هنا في المياه الزرقاء أو الجلوكوما نجد أن الخسارة أو الفقدان لا يعوضان على الإطلاق .. بمعنى أن النظر متى قل أو فُقد لا يمكن إسترجاعه أبداً .. لذا فإن الجلوكوما تعتبر من الأمراض المهمة جداً والخطيرة التي تصيب العين .. وتؤثر تأثيراً على العين إذا ما تركت دون علاج .. وتتلخص أسبابها في ارتفاع في الضغط داخل العين عن المعدل الطبيعي.
ونحن لا نتعامل مع كرة من المطاط نملأها بالهواء أكثر من اللازم فتنفجر، وبالطبع سيكون الانفجار في أضعف نقطة بجدارها.. بل نتعامل مع كرة أخرى من صنع الخالق الأعظم .. بها الشرايين والأوردة والأعصاب، وهي حساسة جداً .. وبها أيضا نقاط ضعيفة أهمها على الإطلاق مخرج العصب البصري من الجزء الخلفي للعين، وهو ما يسمى بحلمة العصب البصري.. فإذا ما زاد الضغط عن الحدود يحدث ضغط على العصب البصري، وأصبحنا نجد ما يسمى بتكهف العصب، أي انبعاجه للخارج .. بداية لضعفه ثم ضعف الابصار بعد ذلك.. ولن تحدث هذه التغيرات فجأة، ولكنها ستأخذ وقتاً طويلاً .. وهذا النوع من الجلوكوما نسميه بالجلوكوما المزمنة.. وهناك نوع آخر منها يأخذ وضعاً دراماتيكيا، ويحث فيها فقد حاد للإبصار إذا لم يتم إسعاف المريض في أسرع وقت.. والعبرة في ذلك بدقة التشخيص وسرعة إسعاف المريض.. لأن الحالة يمكن أن تمر على الطبيب العادي كحالة التهاب حاد في الزائدة الدودية.. ولكن نظرة واحدة إلى العين ستحل المشكلة .. حيث هناك آلام حادة بالعين وإحمرار شديد بها مع عدم القدرة على الرؤية إطلاقاً، وأقل لمسة للعين ستؤدي لآلام مبرحة .. ولذا فالحل الأمثل هو نقل المريض للمستشفى لإسعافه وعنصر الوقت هنا مهم جداً.. لأن أقل تأخير قد يؤدي إلى فقد المريض لإبصاره كلية.
ما هي مظاهر الجلوكوما؟
1- قد يشعر المريض بالجلوكوما بألم في العين نفسها، أو في جانب الرأس.
2- أو قد يشعر بزغللة في النظر.. فالأشياء أمامه تكون غير واضحة.
3- ويمكن أيضاً أن يرى بعض الألوان .. ألوان الطيف حول الأنوار في الطريق، أو حتى في أنوار حجرته.. وقد تمر هذه الأعراض على أي شخص مروراً عابراً، اللهم إلا الإنسان الحريص فقد يحسبها نوعاً من الاجهاد، أو عدم كفاية ساعات النوم، أو لكثرة مشاهدته لبرامج التلفزيون في الليلة السابقة.. ولكن تكرار الحالة قد يثير علامات الاستفهام لهذا الوضع الجديد.
4- فإذا كان الشخص المصاب بالجلوكوما موجداً بخارج المنزل ثم عاد ودخل منزله .. ولكن في الوضع الطبيعي يستطيع بكل سهولة تمييز ما بالداخل من أشياء خاصة مفتاح النور.
5- ولكن في هذه الحالة سيجد صعوبة نوعاً ما في سرعة تمييز ما بالداخل.. وهذا ما نسميه بالتكيف، أي ستجد فترة أطول لمعرف مكان مفتاح النور أو الكرسي الذي يجلس عليه.
6- ثم قد يلاحظ أيضا فقد جزء من مجاله البصري، أي الوسط المحيط به، بمعنى أن يرى بعض الأشياء التي في جانبه الأيمن، ولا يرى الأشياء الموجودة على الجانب الأيسر.. كما يجب ألا يتجاهل الإنسان عدم رضاه عن نظارته الطبية خاصة نظارة القراءة وميلة لتغييرها من وقت لآخر، لعدم إستفادته بها .. ويجب عليه مصارحة طبيبه بذلك .. خاصة إذا شعر بثقل في العين مع ميل للنوم.
ما هي الفحوصات اللازمة؟
1- المفروض أن يقيس الطبيب مقدار الارتفاع في ضغط العين، ولهذا فهو يستعمل جهازاً خاصاً مخصصًا لذلك يمسى تونوميتر، سواء أكان يدوياً أم إلكترونياً، وعلى ضوء النتيجة سوف يقرر العلاج اللازم من أقراص أو قطرات أو مراهم.
2- كما أنه من المهم جداً أن يبحث الطبيب الأخصائي مقدار الضرر الحادث في قاع العين، وخاصة في حلمة العصب البصري.. لأن هذا المكان بالذات يقع عليه معظم الضرر، لأن نقطة الضعف الخطيرة في قاع العين .. ويتم هذا الفحص بمنظار خاص يسمى المصباح الكهربائي لفحص قاع العين.
3- كما أنه لابد من قياس مدى تأثير ارتفاع ضغط العين على المجال البصري.. ونوضح مرة أخرى عدم قدرة المريض بالمياه الزرقاء على رؤية الشخص القادم من جانب معين له، أو الأشياء الموجودة في هذا الجانب عن الجانب الآخر.. حيث إن هذا النقص في المجال البصري سيزيد بزيادة درجة الجلوكوما، ويتقدمها حتى يصل إلى درجة ضيقة جداً أمامه ويقاس ذلك بجهاز خاص يسمى بيريميتر.
ما الفرق في علاج الجلوكوما بين الطبي والجراحي؟
1- على الطبيب الانتقال من مرحلة العلاج الطبي بالقطرات والمراهم إلى مرحلة العلاج الجراحي إذا ما لاحظ عدم استجابة المريض للعلاج الطبي .. أي عدم انخفاض ضغط العين إلى المعدل الطبيعي برغم استمراره فترة طويلة، أو التهاون من جانب المريض في أخذ العلاج الطبي.
2- أما العلاج الجراحي فتوجد منه عدة عمليات، تتم بفتح قناة صغيرة من الخزانة الأمامية للعين، والمليئة بالسائل المائي إلى المنطقة الواقعة تحت ملتحمة العين، والمليئة بالأوعية الدموية، لكي يتم تصريف الزيادة المطردة في هذا السائل والمؤدية لإرتفاع ضغط العين.. فالتقدم التكنولوجي وإدخال الليزر قد أفاد جداً في علاج الجلوكوما.
3- ومازلنا نؤكد أن الفحص الدوري للعين، قد يكون له أفضل النتائج لكشف أي آثار داخلية بالعين من وجود ضغط بها، دون أن يلاحظ بدايتها، أو دون أن يشك في الإصابة بها، وتلافي أضرارها واستمرارها .. لذا ينصح بفحص قاع العين دورياً، وقياس ضغطها ومجال الإبصار لأن كثيراً من الأمراض قد اكتشفت من مجرد فحص قاع العين، حيث أنها مرآة للجسم.
ملحوظة مهمة:
نود أن نلفت النظر إلى وجود نقطة التباس خطيرة بين كلمتي التراكوما ومعناها الرمد الحبيبي، والجلوكوما وتعنى المياه الزرقاء.
ما هي نظارة القراءة بعد الأربعين؟
ترى ما السبب الذي يجعل الطبيب يطالب بنظارة طبية للقراءة بعد الأربعين في هذه السن الحرجة؟ الحقيقة أن هناك نوعا من التصلب يحدث في عدسة العين، بمعنى ألا تكون رخوة لينة مرنة كما في سن الطفولة والشباب وفي مقتبل العمر.. إذن فهي تفقد مرونتها وتتحول تدريجياً إلى الصلابة .. في أول الأمر كانت العدسة مرنة يتغير تحدبها، وبالتالي تزيد قوتها بشد الأحزمة المحيطة بها أو إنبساطها تجاه الجسم الهدبي، ويؤدي ذلك إلى ما يسمى بتكيف الإبصار .. بمعنى أن الإنسان يستطيع أن يرى الأشياء البعيدة بوضوح، ويتحول في لحظة أخرى لرؤية الأشياء القريبة بنفس الوضوح ودونما عناء يذكر.
ولكن بعد سن الأربعين يتغير كل شئ تدريجيا بالازدياد التدريجي في تصلب عدسة العين .. وبالتالي تزداد حاجة الشخص لتغيير نظارة القراءة بمرور الوقت، وقد يسأل سائل بأن قوة إبصاره كانت متعادلة أي “ستة على ستة” دون نظارة والآن أصبح في أمس الحاجة لنظارات القراءة؟.. لماذا؟.. لإصابته بتصلب العدسة وعليه أن يقتنع بذلك لأن هذا نتيجة طبيعية مائة في المائة متى بلغ الأربعين.
ما هي أنواع نظارات القراءة؟
1- هناك النظارات الصغيرة “نصف برواز” والتي تستعمل للقراءة فقط، وتتيح لك رؤية الأشخاص أمامك دونما عناء.. هذا إذا كنت لا تعاني من قصر تظر أو طول نظر أي ترى “ستة على ستة” دون نظارة.
2- أما إذا كانت الشكوى من ضعف بالإبصار قبل سن الأربعين إيا كان نوعه فينصح باستعمال نظارة مزدوجة البؤرة للمسافة والقراءة في نفس الوقت.
3- ولحسن الحظ، فإنه توجد وتتوافر الآن أنواع معينة من العدسات ذات البؤر المتعددة، ولا يمكن إطلاقاً معرفة الحد الفاصل بينها .. وهي غالية الثمن نسبياً.
البقية في العدد القادم