أجرى الحوار : هديل مشلح
فنان سوري … يحمل عبق الياسمين أينما حل ونزل , فنان سوري … الابداع لغة تتحدث عنها أدواره , والثقافة عنوان الحديث بلقائه
أضاف للفن رؤية جديدة على خشبة المسرح وصنع للتاريخ أعمالاً تؤرخ .
مثّل وأخرج وشارك في الكثير من الأعمال الفنية , نجم في الشاشة الصغيرة ومبدع على الشاشة الكبيرة … خشبة المسرح بيته الثاني وسوريا عنوانه الأول والأخير …
إنه الفنان المتألق جهاد سعد و الذي كان لجريدة الرسالة هذا الحوار الشيق معه :
- بداية حدثنا عن الفنان جهاد سعد الممثل و المخرج ؟
من الصعب أن يتكلم الشخص عن نفسه إن ما يعبر عن أي فنان أو كاتب عمله وإن كنت أريد أن أستعرض ما بذاكرتي عن أعمالي بداية من على المسرح من تأليف أو اخراج أو تمثيل أو التدريس في المعهد العالي للفنون المسرحية لمدة عشرين عام أو عملي في التلفزيون , إن ما قدمته للجمهور هو أنا جهاد سعد ,
أنا أحب الحياة البسيطة وأحب الطبيعة أحب البحر والسفر أحب الاصدقاء الحقيقيين الذين صاروا نادرين في هذا الوقت , أحب الشارع ففي أي مدينة أسافر إليها أحب أن أتجول في شوارعها ألتقي بالناس أتعرف على المدينة وأقرأ عنها أحب القراءة كثيراً وأحب السينما كثيراً وأحضر عروضاً مسرحية كثيرة وفي أي دولة أزورها أحضر فيها مسرح , وعندي هواية أستمتع بها و هي الطبخ فأنا أطبخ العديد من الأكلات بشكل جيد .
- خضتَ سابقاً تجربة التقديم عندما قدمت برنامج خبرني يا طير في عام 1999 الذي لقي نجاحاً باهراً ومتابعة عربية واسعة هل ستعيد تجربة التقديم لو عرض عليك ذلك؟
بدأ البرنامج عام 1999 واستمر حتى عام 2006 وخلال سبعة سنوات لم أكن مقدماً فقط بل شاركت في كل العمل الميداني وقد تعرفت على سوريا من خلال هذا البرنامج حيث كنت أسافر إلى مناطق متنوعة وكثيرة في أنحاء سوريا للتصوير وتسجيل حلقات مع عائلات خبرني يا طير برنامج تعلمت منه وقد أخذ مني الكثير من الوقت والجهد فقد كنت أسافر كثيراً للعمل ثم أعود لتسجيل حلقة أو تقديم حلقة وكانت مشاغلي كثيرة آنذاك بسبب تدريسي في المعهد وقد تحملنا الكثير من الضغوط و خصوصاً في حرب لبنان في 2006 تهافت الكثير الكثير من الرسائل لأشخاص فقدوا وقد يكون الكثير منهم شهداء فأصبح البرنامج يحتاج إلى مؤسسة ضخمة ولم نعد نتحمل هذا الضغط الكبير وعاطفياً أنا لم أعد أستطيع تحمّل هموم ومآسي الناس الذين فُقد أحباؤهم بالإضافة إلى عدم وجود خدمات لائقة بالبرنامج وهذا سبب اضافي جعلني أترك البرنامج . ومن الصعب جداً حالياً أن أعود لتقديم برنامج كبرنامج خبرني يا طير لأنه في الوقت الحالي هكذا برنامج سيحتاج لمجهود دول وليس أشخاص .
- ما هو سبب ابتعادك عن الوسائل الاعلامية لمدة تجاوزت الثلاث سنوات ؟
لقد ابتعدت عن وسائل الاعلام لكنني قريب وأتواصل مع الجمهور بشكل مباشر فكلمة اعلام لم تعد تعني القنوات المرئية والمسموعة فقط وأنا أشعر بأنني أكون أقرب إلى الجمهور عندما يرونني في الشارع قريباً منهم أسمع آرائهم , ولأنني أنتقي لقاءاتي مع الوسائل الاعلامية لأن الوسائل الاعلامية الآن أصبحت موجهة ، ولقائي معكم في جريدة الرسالة الكندية هو الأول لي منذ مدة طويلة .
- حدثنا عن اخر اعمالك الفنية
آخر عمل لي في سوريا السنة الماضية هو تخريج طلاب السنة الرابعة في المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق , عملت ورشة عمل لمدة ثلاثة أشهر وكتبت نصاً مسرحياً من خلال ورشة العمل بالتفاعل مع الطلاب وعملنا على النص تجربة مختبر مسرحي ارتجال على المسرح حتى خرجنا بالنص الذي سيقدم على الخشبة وقد شاركت طلابي في تأليف بعض المونولوجات كنوع من التدريب على الارتجال المسرحي وقدمنا العرض خلال اسبوعين في دمشق وكان إقبالاً منقطع النظير .
قدمنا عرضاً في بيروت في مهرجان المسرح الشبابي العربي عند السيدة نضال الأشقر بمسرح المدينة .
أما آخر عمل تلفزيوني قدمته في مصر عُرض العام الماضي في رمضان بعنوان تماسيح النيل عملت دوراً أساسياً بالمسلسل باللهجة المصرية من تأليف الكاتب أحمد صبحي الذي كتب مسلسل أسرار وألوان الطيف ومطلقات وعملت دوراً في مسلسل باب الحارة 7 . واعتذرت عن أربعة أدوار في مسلسلات بالإضافة إلى فيلم سينمائي في سوريا
- حدثنا عن دورك في مسلسل باب الحارة 7 الذي يعرض في رمضان الأن ؟
دوري يتمحور حول شخصية طبيب دمشقي يهودي يدعى ” دكتور موسى ” هو شخص وطني يحب دمشق يعيش في الاحياء الشعبية مثلما كان في سوريا الكثير من اليهود , أحببت الدور لذلك شاركت في بابا الحارة 7 , ابنتي في المسلسل تختفي فجأة أبحث عنها فأجدها مقيمة في بيت أبو عصام وعندما أجدها أكتشف أنها تحب أبن أبو عصام معتز وهذه الحادثة كانت ستتسبب بفتنة بين الحي اليهودي والحي الاسلامي ويذهب والدها لإخماد الفتنة ومقابلة زعماء الحارة
- ما الذي اضافه وجود الممثلين السوريين للدراما المصرية ؟
بالنسبة للمسلسلات المصرية التي شارك فيها ممثلين سوريين قامت بتعريف الجمهور المصري بنا وأضافت شيئاً جديداً من التفاعل أيضاً والتأثير المشترك ومثال شخصي على ذلك مسلسل سقوط الخلافة الذي صورته في مصر 2010 من اخراج محمد عزيزية وتأليف يسري الجندي وصورت بعدها نابليون المحروسة في دور رسام فرنسي الذي رسم مصر في عهد حملة نابليون وكان هناك ممثلين عراقيين وسوريين ومصريين وكان هناك تفاعل ايجابي لأبعد مدى وتعرفنا على بعضنا بشكل انساني وبعد ذلك كان لي تجربة في مسلسل فرقة ناجي عطا الله في دور الموساد الاسرائيلي وتعرفنا على الاستاذ عادل امام والمخرج المبدع رامي امام وعملت السنة الماضية مسلسل تماسيح النيل الذي عرض في رمضان من تأليف أحمد صبحي وإخراج محمد حمدي ورغم كل العوائق من صحراء وحر وتعب إلا أنني كنت سعيداً جدأ بالعمل في مصر والتفاعل مع الممثلين , أما على صعيد العرض للمسلسلات فإن الجمهور المصري قد رأى أشخاصاً جديدة مع ممثلين مصريين وهذا جعل التلقي له متعة مختلفة وهذه المسألة لها تأثير وتأثير الفن عموماً ليس طرفاً واحداً بل تفاعل جماعي لأنه ليس رسم أو نحت أو عزف موسيقى
- هل تظن ان فرص الدراما السورية تراجعت مع ازدهار الدراما التركية المدبلجة ؟
لا أظن ذلك أبداً , قد يكون هناك جمهور متابع للدراما التركية ونفس الجمهور يتابع الدراما السورية لكن قد يكون في البداية قد انحاز بعض الجمهور للدراما المدبلجة لأنها كانت فكرة جديدة ولكن بعد ذلك أصبحت المواضيع مكررة وأحس الجمهور باختلافها عن بيئتنا العربية . لكنني في المحصلة النهائية لست ضد دبلجة الأعمال الأجنبية لأنه يعتبر اطلاع على ثقافات الشعوب الأخرى وهذا لا يمنع ولا يسيء لشيء إلا إذا كانت المواضيع المطروحة قد تسيء لمجتمع معين لدى المشاهدين.
- أين تجد موقع الفن السوري في ترتيب الدول العربية ؟
لا يوجد شك بأن هناك بلدين عربيين في صدارة الدراما العربية وهما مصر وسوريا ففي سوريا أصبح هناك طفرة في الدراما سببها تراكم خبرات بعض المخرجين المثقفين الذين عملوا بجد , هم من قاموا بهذا التطور في الدراما وتقدم الدراما السورية الآن أفضل الأعمال على الشاشة العربية.
أما الدراما المصرية أنا لا أشكك في الأعمال الجيدة أبداً وهناك أعمال معاصرة قدّمت تقدماً في السنوات الخمس الأخيرة على مستوى تقنيات الصوت و الاخراج لم تصل سوريا بعد , أما الاعمال التاريخية لم تستطع الاعمال المصرية أن تقدم المسلسلات التاريخية كما قدمتها سوريا وما رفع منسوب الدراما السورية هي المسلسلات التاريخية وعلى سبيل المثال سأذكر عدداً من المسلسلات التاريخية التي قدمت فيها أدواراً مثل : الكواسر _ الفوارس _ الزير سالم _زمان الوصل _أبو زيد الهلالي _ عمر الخيام_ لورانس العرب الذي عملته عام 2008 والذي لم يلق عرضاً كبيراً لأن المحطات كانت مع ابعاد فكرة سايكس بيكو وحتى لا يُلقى الضوء على الأحداث في العالم العربي التي تجري حالياً من خلال معاهدة تعتبر قديمة من 100 عام لذلك تم تهميش هذا المسلسل .
- ما الذي أضافته لك اقامتك في القاهرة بالنسبة للحياة المهنية ؟
أنا خريج القاهرة حاصل على بكالوريوس في الاخراج المسرحي والتلفزيوني وتعلمت عند أساتذة مصريين قديرين وهذا قد أثر في شخصيتي الفنية وقد تأثرت من الاساس بالتجربة الفنية المصرية لكن ليس كلها والسينما في مصر أثّرت وأثرت كثيراً لكن للأسف الشديد أحياناً أرى عملاً مصرياً أقول في نفسي مخرج هذا العمل من المستحيل أن يكون تلميذ صلاح أبو سيف أو يوسف شاهين أو شادي عبد السلام . أنا أتكلم بموضوعية وبمنتهى المحبة هذا نقد بنّاء ووجهة نظري الخاصة .
- أين يجد الفنان جهاد سعد نفسه.. في الشاشة الصغيرة أو الشاشة الكبيرة او على خشبة المسرح ؟
هذا سؤال سهل جداً وصعب جداً نحن نعلم أن المسرح جاء قبل السينما ثم جاء التلفزيون . ولو كان هناك صناعة سينما في سوريا ما كنت سأعمل في التلفزيون أبداً كنت سأعمل في المسرح والسينما فقط ,كل ما شاركت به من أفلام لا يتعدى ثمانية أفلام سينما فقط أهمهم الشمس في يوم غائم تأليف حنا مينا , الشراع والعاصفة أيضاً تأليف حنا مينا وشاركت بفيلم الانتفاضة وفيلم كسر غصن الزيتون .
لأن السينما هي فن أما التلفزيون فهو صناعة وليس فن فالسينما والمسرح والتلفزيون هي ثلاثة علوم مختلفة .
- ما هي أهم العقبات التي تواجه الفنانين السوريين في الوضع الحالي ؟
أهم عقبة بالنسبة لي هي الاختيار ” اختيار الموضوع ” الذي من الممكن أن أشارك به بعد تلك السنوات من العمل , أن يكون موضوعاً مناسباً أستطيع من خلاله التعبير عن شيء ما بداخلي وإذا لم يكن الدور يلامس الواقع أو فيه تشابه مع عمل سابق في القصة والنص لا أستطيع العمل به وتجديد السيناريو أمر مهم بالنسبة لي .