بقلم: كنده الجيوش
يحكى عن الشاعر العراقي الكبير الراحل محمد مهدي الجواهري انه كان يضم العين في اسم «العراق» بدلا من حركة الكسرة فينطق «العُراق»ً بدلا من «العِراق» ويقول لمن يسأله «يعز علي كسر عين العراق».
وهذا الكلام الذي روي عن الشاعر الكبير فيه الكثير من التشبيه الراقي والتورية في حالته اللغوية الأدبية النثرية او الشعرية او غيرها حيث اننا جميعا نعرف ان الإنتقاص من قدر شخص ما نعبر عنها نحن العرب بأنه «كسر عين».
وفي عالم الشعر والنثر يحق للشاعر او الأديب ان يطوع الكلمات والحركات احيانا لأغراضه الشعرية في حالات الضرورة. وما يحق للشعراء والشعر لا يحق لغيرهم.
وفي عالم اللغة العربية الجميلة وفي مجتمعنا العربي ليس من المطلوب منا ان نكون جميعنا فقهاء باللغة العربية وان تكون فصاحتنا على مستوى الأدباء.
ومن المتعارف عليه انه يوجد في الصحف العربية الكبيرة أستاذ خبير كبير ومدقق لغوي يقوم بتنقيح لغة الصحفيين. وجزيل الشكر دوما للأستاذ الصحفي والشاعر القدير فريد زمكحل رأس ورئيس ومؤسس جريدة الرسالة الذي يقوم بتصحيح وتدقيق ما نكتب من مقالات.
الصحفيون والسياسيون ومهن اخرى مثل اساتذة اللغة العربية والعلاقات العامة وغيرها يجب ان يكونوا على قدر جيد من التمكن من اللغة العربية – وان كان الكمال صعبا.
ولكننا اليوم نتحدث عن المعرفة بأساسيات اللغة العربية . ويشير موضوع بحث نشره موقع البي بي سي BBC الإخباري الى ان وسائط التواصل الاجتماعي تسهم احيانا في ايذاء اللغة العربية – حسب بعض الآراء – بينما يرى البعض الاخر ان الايذاء موجود وكل ما تقوم به هذه الوسائط الحديثة هو كشف التراجع من خلال كثافة التواصل.
وفي الحقيقة نستطيع جميعا ان نرى هذا الايذاء والتراجع بمعرفة اللغة خاصة لدى الأجيال الناشئة التي تعتمد على استعمال اللغة المحكية بشكل مكثف على وسائط التواصل الاجتماعي لانها اسهل من استخدام اللغة العربية الفصحى بالمحادثات .
هذه الأجيال الناشئة التي لم يتسنى لها ان تقوي لغتها الفصحى المكتوبة مثل الأجيال التي سبقتهاً بدأت تنسى ما تعلمته من قواعد اللغة العربية وحتى أصبحت تدخل وتضيف وتصيغ مفردات وتعابير لغوية جديدة ليس لها علاقة باللغة العربية الى نصوص الكتابة على وسائط التواصل.
وحتى أصبحنا نرى ان البعض من الكبار والأجيال السابقة وممن يعرفون اللغة العربية جيدا يجنحون ان استعمال اللغة العامية او المحكية في الكتابة على وسائط التواصل وكثيرا ما تتحول «اذا» الى «أزا».
والبعض يقوم بهذا من احل سهولة التوصل الى المتلقي او التواصل مع الطرف الاخر. ولكن هذا فيه ضرر للغة وللمتلقي لأننا لا نعطيه فرصة لتحسين لغته وقواعدها من خلال الممارسة الصحيحة لها.
في عالم الأدب هناك شعر عامي وادب لغة محكية… وفيه الكثير من الجمال .. ولكن من يكتب ذاك يكون قد تمكن أولا من اللغة العربية الفصحى.
اللغة العربية في وسائط التواصل مهمة ومهمتنا ان نحافظ عليها سليمة.