بقلم: حسّان عبد الله
من خلال ممارستي لتعليم اللغة العربية ومن خلال سماعي وحبّي للشعر العربي العمودي والشعر الحر فيما بعد وجدت شعراء في هذا العصر يظنّون أنّ الشعر هو أنْ نؤلف دواوين عديدة ونرصف كلماتٍ ومفرداتٍ ، همّهم فقط التباهي والتفاخر بما أنجزوا . لكن يهمّني اليوم أن أتحدّث مع هؤلاء الشعراء لأبيّن لهم أنّه يوجد فرقٌ كبير ٌ بين قراءة النصوص وقراءة الشعر ، وبما أنّني أتحدّث في هذه المقالة عن الشعر فأحبُّ أن أبيّن لهم أنّ الشعر يلقى إلقاءً معبّرًا وجذّابًا بقالبٍ موسيقي وأنغامٍ رنّانة تعلو وتنخفض ويتأثر بها الشاعر ،فقد تبكيه وقد تفرحه ويجعل السامعين يهتزّون من مقاعدهم متأثرين بما يسمعونه حتّى أنّهم لا يحبّون مغادرة القاعة التي يسمعون بها الشعر قبل أن يتوقف الشاعر عن إلقائه الجذّاب .أحببتُ أن أتناول هذه الناحية أي ناحية الإلقاء والنغم الموسيقي والإيقاع لأنّ ذلك شيء مهم في عملية الشعر التعلّميّة .وممّا يؤلمني أن أسمع في بعض الأحيان شعراء يلقون الشعر كما يُلقى درس القراءة العربية فيمزجون الصدر بالعجز ويتسابقون في قراءة الشعر بدون تعبير وإيحاء وبدون إيقاعٍ موسيقي حتّى أنّنا قد نغفو وننام على مقاعدنا ونتمنّى أن نغادر من أن نسمع قصيدة تُقرأ قراءةً خاليةً من التعبير والأحاسيس والمشاعر، فحضور الشاعر ضروريٌّ بإلقائه وحركاته وتأثره وتفاعله مع القصيدة وقد أجد هواةً للشعر مبتدئين يلقون الشعر بمهارةٍ لا توصف يتأثرون بما كتبه الشاعر أكثر من الشاعر نفسه كما أسمع بعض التسجيلات الصوتية بالفيديو أو التلفاز أو الإذاعة أو المقابلات الأدبية التي قد يبدع بها هواة الشعر إلقاءً وتعبيرًا أكثر ممّا يبدع بها الشعراء أنفسهم .
وأخيرًا فهنيئًا للشعراء المجيدين تعبيرًا وإيقاعًا وتأليفًا وجذبًا وإيحاءً وقدرةً لاحتلال المركز السامي .