بقلم: تيماء الجيوش
ما يسعى إليه القانون هو مواكبة المجتمع ووصف منظومته و علاقاته ، يتم هذا من خلال استخدام مفاهيم لتأسيس علاقات و ما يترتب عليها من حقوق و التزامات معقدة.
في الحديث عن القانون لا بد أن تبرز هنا مسالة الشخصية القانونية و الاعتراف بها ، فهي مسالة بالغة الدقة، و قد أدى ذلك فيما مضى إلى نزاعات قانونية ومن ثم قوانين تُسّنُ لتنظيم حالاتٍ محددة.
و الاعتراف بالشخصية القانونية يُعدّ من الأهمية بمكان حيث أعلنته الأمم المتحدة حقاً عالمياً : « لكل فرد الحق في الاعتراف به كشخصية قانونية حيثما تواجد». و التواجد هنا بمعناه الجغرافي الدول بما يعنيه الموطن اي الدولة التي ينتمي اليها الفرد .
و الدولة تُطلق لوصف منطقة جغرافية محددة و لكنها تُستخدم أيضًا للإشارة إلى الأجهزة الحكومية ، والسلطات الرئيسة ، السلطة التشريعية (البرلمان، والهيئات التشريعية)، والسلطة التنفيذية (رئيس الوزراء، ورؤساء الوزراء، ومجلس الوزراء، والسلطات العامة)، والسلطة القضائية (القضاة، والمحاكم).
و الشخصية القانونية الأكثر شيوعاً هي الإنسان العاقل البالغ ، و من البديهي ألا يكون بمقدور الأفراد سنّ او إدارة قانون وفقاً لسلطتهم الخاصة فقط. لكن و بالتأكيد لهم الحق باللجوء إلى النظام القانوني لحماية مصالحهم أو تعزيزها حيث احترام سيادة القانون هو مبدأ أساسي في الدول الديمقراطية. ما يمنح للأفراد حقوق متعددة و أصلية ومنها ما يتعلق بعلاقتهم مع السلطات المختلفة في بلادهم و في الطعن في تصرفات الدولة و تحميلها المسؤولية في حل خرقها لالتزاماتها.
قد تثور مجموعة من الأسئلة حول الشخصية القانونية في حالات ربما تحتاج إلى إيضاح أكثر ، و منها مثلاً لا على سبيل الحصر الأطفال ، فالأطفال هل لهم حقوق و مسؤوليات قانونية ما دام لهم الشخصية القانونية و ما دامت تنطبق عليهم شروطها؟ هل لهم التصرف بملء إرادتهم و ممارسة حق لهم ما دام لهم الشخصية القانونية؟ هذا سؤال مشروع وحقيقي و نحى المُشّرعون على الصعيدين المحلي والدولي إلى أن الأطفال لهم حقوق ومسؤوليات قانونية، ولكن لا يُسمح لهم باتخاذ إجراءات قانونية بمفردهم – بل يجب أن يكون هناك من يمثلهم و يدافع عن أفضل مصالحهم كان يكون وكيلاً رسمياً مُناباً عن الطفل او ان يكون وصياً قانونياً .
و كي لا يذهب الشرح بعيداً و بالعودة للقانون ووصفه ، يبقى المنظور القانوني للمجتمع
و التحليل القانوني و تحقيق العدالة و بالتالي بناء الثقافة القانونية ، يبقى معتمداً على وصف العلاقات الاجتماعية، تبقى عملية تقديم هذا الوصف و تحديده إن كان للأشياء أم للأشخاص هي ركن أساسي . في مهنة المحاماة و في القضاء ما يصفه احد الأفراد على انه مشكلة قانونية ، يستوجب تحليلاً قانونياً و الذي يمكن الاعتراض عليه أو البناء عليه عبر اختيار المفاهيم والأفكار القانونية المناسبة لبدء الملف أو الدعوى. وهكذا فإن مهمة التحليل القانوني تتطلب فهماً للطريقة التي يصف بها القانون المحيط الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي،
اليوم تقع العديد من التحديات التي تواجه النساء عموماً كما هو الحال لدى المرأة العربية والمرأة السورية. حيث باتت تحتاج فيه إلى القيام بتشريع قوانين تُعزز من حقوقها اولاً كامرأة و تنظر في القرارات المرتبطة بها من خلال احترام شخصيتها القانونية و بشكلٍ مساوٍ لا تمييز فيه. و هذا ليس فقط مطلباً محلياً بل هل مطلب دولي يتوافق مع أهداف الأمم المتحدة التي أطلقتها من اجل التنمية المستدامة ، و على وجه الخصوص الهدف الخامس من حيث المساواة بين الجنسين. تحتاج المرأة السورية اليوم إلى مراجعة دقيقة لحقوقها و ما واجهته من تحديات ماضية و حالية و مستقبلاً على أن تتم مقارنتها مع ما حققته من إنجازات و ما وقع على كاهلها من عبء مضاعف خلال ١٤ عاماً من الدمار والخراب و بالتالي الوقوف على مكامن الضعف التشريعي و الذي يستدعي تشريعات حداثية و تغيير قانوني يدعم المرأة و الأسرة و يكون أساسا للسلام .
هناك حاجة مُلحّة لرصد التحديات المستجدة التي تواجه المرأة، ومقارنتها بحجم الإنجازات التي تحققت بالفعل، وذلك للوقوف على أوجه النقص والخلل التي تحتاج إلى تشريعات عاجلة تدعم المرأة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. عبر المشاركة في إعداد وبلورة مشاريع القوانين والقرارات المرتبطة بتعزيز حقوق النساء، وذلك على مستوى المؤسسات البرلمانية الدولية والإقليمية. ضرورة مراجعة التشريعات الحالية وتحديثها لضمان ممارسة جميع النساء لكافة حقوقهم وإزالة أي غموض أو قصور في النصوص القانونية هي أولوية يجب أن تتوازى مع أهمية تفعيل إستراتيجية وطنية و مجموع الخطط التنفيذية و برامج الموازنة السنوي . يجب ألا يقتصر الأمر على توصيات نظرية هنا وهناك، بل لا بد من جعل الأمر جزء من سياسة حكومية اي التغيير القانوني و بنى تشريعية حديثة و حرص حقيقي على تعزيز دور المرأة في صنع القرار و بالتالي منحها دورها المستحق. النضج السياسي يعني أن يتم الإصغاء لوجهات النظر المتعددة و بالتالي الخروج بصياغة قانونية تؤكد العدالة و احترام حقوق الإنسان. السلم والأمن الدوليين و الاستقرار السياسي لا يمكن تحقيقهم دون سيادة القانون .و لتحقيق التقدم الاقتصادي و الاجتماعي و التنمية و لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. كذلك يلعب دوراً في الحصول على خدمات الدولة و قمع الفساد و التعسف في استعمال السلطة أو استخدامها . دور القانون يرسي العقد الاجتماعي بين الحكومة والأفراد و هذا كله أوجد رابطاً وثيقاً بين سيادة القانون والتنمية وهو ايضاً من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. لم تأتي أهدافها عشوائياً بل جاءت متناسقة و تعكس إستراتيجية دولية و أمل بغد أفضل. التغيير القانوني و مساواة المرأة التي لها شخصية قانونية و احترامها من خلال القوانين الناظمة التي تتحلل و ترصد العلائق الاجتماعية هو طريق للسلم الأهلي و المجتمع الحداثي و أولى الخطوات هي التغيير القانوني و احترام حقوق المرأة.