بقلم: كنده الجيوش
استوقفني خبر تعيين لاجئ عراقي وزيرا للمال في بريطانيا ليذكرني إننا هنا في بلدنا كندا لدينا عدد من الوزراء والنواب في البرلمان من أصول عربية جاؤوا من سنوات نوعا ما قريبة وبعضهم جاء للدراسة هنا وأحب البلاد واستوطن وهاجر إليها.
وطبعا مسألة الاهتمام بالشأن العام والنجاح في فهم رسالة المجتمع وعكسها بالنشاط السياسي هي اجتهاد شخصي بالدرجة الاولى ومواصفات شخصية وتعليمية وخبرة وشغف بالعمل لخدمة المجتمع والبلاد و تحسين فرص الجميع في مواضيع متنوعة.
ولكن أيضا هناك البيئة التي تساعد على دفع الأفراد لتطوير مستواهم التعليمي وكذلك تنشيط قدراتهم في مجال النشاط الاجتماعي…
وطبعا هذا لا يعني أن أي سياسي ناجح يجب أن يكون ذو تعليم عالي. ولكن الفكرة هنا هي أن السياسي المهاجر الناجح هو مثال فقط عن فكرة النجاح للمهاجرين الجدد. ونعرف أن غالبية الأشخاص الناجحين وذوي المهن والإعمال بشكل عام لديهم مستويات جيدة من التعليم والنشاط الاجتماعي.
ويذكرنا هذه الأيام الخبراء في مجال التعليم وعلم الاجتماع بأهمية المحيط والبيئة الاجتماعية في تشكيل الشخصية. وكل شيئ نسبي لان هناك أمثلة كبيرة وكثيرة تدل أن البيئة لها تأثير إلى حد بعيد .. ولكنه نسبي.
وحتى نبقى في تأثير البيئة على التعليم تكون الفكرة مثلا أن الطالب المجتهد يمكن أن يتراجع مستواه أن تم وضعه في إطار تلاميذ مهملين والعكس أيضا صحيح يمكن أن يرتفع المستوى للتلميذ الكسول إن وضع مع التلاميذ المجتهدين.
وهذه فكرة قديمة ويعرفها جيدا من يعمل في مجال التعليم والأهل كذلك. وهي أيضا لها شكل مشابه في البيئة الاجتماعية والبيئة الثقافية حيث تؤثر البيئات الاجتماعية والثقافية والتعليمية بشكل كبير في تشكيل الشخصية.
ومن هنا فانه هناك مجتمعات نجحت في شق طريقها الى النجاح — وفكرة النجاح هي أيضا أمر نسبي ويخضع لمعايير من وجهات نظر مختلفة— من خلال تطبيق هذه المعادلة بطريقة صحيحة. اي تطوير البيئة الاجتماعية والتعليمية من اجل تطوير أفراد المجتمع المستقبلي.
وطبعا دون الدخول في إطار العنصرية او الإبعاد او النظرة الطبقية … لأنه موضوع مختلف..
وإنما فقط نتحدث هنا من منظور بسيط مثلما تقوم معلمة – مثلا – بنقل الطالب الذي يحاول الاجتهاد إلى مقعد طالب مجتهد من اجل تقويته وإعطائه دفع للأمام وهو منظور إيجابي. أو تشجيع أبناء الريف للدراسة في المدينة ورفع المستوى التعليمي.
وهناك أفراد ممن وجدوا في بيئات اجتماعية بسيطة جدا أو ريفية أو غيرها وتمكنوا ببعض من الاجتهاد من الوصول إلى أعلى المراتب المهنية والاجتماعية والسياسية والثقافية.
ولكن هل يمكننا أن ننظر إلى هذه الفكرة من منظور أكثر نشاطاً من اجل رفع مستوى من هم بحاجة إلى المساعدة والدفع وتوسيع هذه الدائرة في المدارس والنوادي والمؤسسات والفعاليات.
هنا في بلدنا كندا وهي الأم الثانية والأولى معا من مناظير متنوعة – فهي الأم التي تحمي وترعى وكذلك تفرض الواجبات — نحتاج هذا أكثر ما نحتاجه مع المهاجرين الجدد والفئات اللاجئة.
وهذا طريق من اتجاهين لأننا كلما قدمنا أكثر لهؤلاء الصغار بالدرجة الأولى والكبار ووفرنا لهم البيئة المناسبة لتسهيل التعلم والاندماج المجتمعي والمهني حصلنا على مردود مجتمعي اكبر وناجح أكثر. وكلنا يعرف مصاعب المهاجرين الجدد مع التعليم وتعديل الشهادات والاندماج بسوق العمل.