بقلم: كنده الجيوش
بعد أسبوع أو أكثر من هذا الشهر و كما في كل عام تحتفل مقاطعة كيبيك بيومها الوطني أو يوم القديس جان باتيست كما ندعوه نحن هنا و الذي يصادف في الرابع و العشرين من شهر حزيران/يونيو . وهذا اليوم له خاصة بتزامنه مع قدوم فصل الصيف و ازدياد وتيرة الحياة الاجتماعية مع اتساع المساحة من الوقت لكثير من الأسر مع انتهاء أبنائها من فصولهم الدراسية أو تخرجهم مما يتيح لهم الاحتفال بشكلٍ جماعي .
وعادة يبدأ أهل مقاطعة كيبيك احتفالاتهم بهذه المناسبة في ليلة تسبق التاريخ بالألعاب النارية و الرقص و الغناء الشعبي التقليدي. و من ثم تستمر في الصباح التالي بحفلات موسيقية شعبية يقدمها فنانون محليون و عالميون. تستقطب هذه المناسبة العديد من الكنديين الفرنسيين القاطنين خارج كيبيك. و تعود الأصول التاريخية لهذا العيد للعام ١٦٣٦ أي قبل أربعة قرون حين احتفلوا بالانقلاب الصيفي و أشعلوا نيراناً احتفاءاً بهذا و اقترن بعيد القديس يوحنا المعمدان بقيادة الجمعية الوطنية للفرنسيين و التي تأسست في العام ١٨٣٤ إلى أن تمّ الاعتراف بهذا اليوم كيومٍ وطني للمقاطعة من قبل رئيس وزراء كيبيك رينيه ليفيك في العام ١٩٧٧ . الجالية العربية في كيبيك تحتفي بهذا اليوم كجزء لا يتجزأ من النسيج المجتمعي و هي التي قدمت إليها منذ ما ينوف عن مائة عام و كما هو الحال في بقية المقاطعات الكندية كان لها ولا زال حضورها المميز و مشاركتها في الحياة السياسية و الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية. حيث برز العديد من أفرادها في مجالات الطب و الهندسة و الاقتصاد إضافة للفروع الأخرى و كانوا شركاء في تطور المقاطعة والاعتزاز بها .
تحمل الجالية العربية امتناناً متعاظماً لحماية كيبيك للقيم الإنسانية و الحريات التي تضمن تكافؤ فرص يتمتع بها الجميع دون استثناء. كما أن الرفاه للأفراد واحترام حقوق و حريات الآخرين هو مبدأ لا ينتقص منه. و هذا ما جعل من التعايش سمة صبغت المجتمع الكيبيكي على تنوعه و تنوع الجاليات التي قدمت إليه عبر موجات الهجرة المتتالية فبنت مجتمع شامل له تنوع ثقافي و عرقي و ديني لا تمييز فيه.
كل هذا ساهم في متانة الأواصر الاجتماعية في المقاطعة و الشعور بالانتماء. في الحياة السياسية تم انتخاب العديد من النواب من أصول عربية في الجمعية الوطنية. كما أن البعض منهم أصبح الناطق الرسمي للأحزاب الكيبيكية . وفي الإعلام ، الإعلام العربي له حضوره ، أما في الاقتصاد و المشاريع الصغيرة و الاستثمار فلهما ايضاً نسبة نأمل أن تتزايد مستقبلاً.
الجالية العربية كانت خير امتدادٍ ثقافي و سفير ما بين البلدان العربية و كندا بالعموم و كيبيك على وجه الخصوص كانت لهم فيها شراكة حقيقية. عملت الجالية بجهد وكان لها من الجدارة و العمل و المساهمة النوعية في البناء الاجتماعي الاقتصادي الشيء الكثير والذي يُشهد له.
لنا اليوم أن نقول عيداً وطنياً سعيداً لكيبيك ، عيداً سعيداً للجالية العربية على أمل من المزيد من الرخاء و التقدم.