بقلم: فـريد زمكحل
قد يتساءل البعض عن أهمية مدينة باخموت بالنسبة للروس والتي أعلنت سلطات دونيتسك الموالية لروسيا السيطرة على كامل المنطقة الصناعية فيها خلال معركة وصفت بأنها الأشرس منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، على الرغم من أنها مدينة صغيرة وعدد سكانها لا يتجاوز السبعين آلف مواطن قبل الحرب ولم يتبق منهم سوى 3 آلاف مواطن تقريباً في الوقت الراهن، إلا أنها مدينة لها أهمية إستراتيجية رغم محدوديتها بالنسبة للطرفين المتحاربين، ورغم التقدم الذي أحرزه الروس في الآونة الأخيرة، إلا أن القوات الأوكرانية تستميت في الدفاع عن هذه المدينة التي وصفها الرئيس الأوكراني بأنها تُعد بمثابة حصن بعد أن اكتسبت أهمية رمزية كبيرة بسبب طول مدة الحرب فيها «8 شهور» وحجم وقسوة وضراوة المعارك التي تدور فيها، بينما تكمن أهميتها لدى الروس بأنها تعتبر البوابة شبه الوحيدة لتقدم القوات الروسية في دونيتسك خاصة بعد نجاح هذه القوات في الأسابيع الأخيرة من تطويقها وقطع العديد من الطرق المؤدية إليها لتزويد المقاتلين الأوكرانيين بالعتاد والإمدادات اللازمة لهم .. وإستيلاء الروس على باخموت سيفتح الطريق أمام القوات الروسية للاتجاه والسيطرة على مدينتي كراما تورسك وسلوفيانسك وهما من المدن الرئيسية في مقاطعة دونيتسك التي تُشكل مع مقاطعة لوغانسك المجاورة إقليم دونباس المعروف بالحوض الصناعي الكبير في أوكرانيا، لذا ينظر إليها الروس على أنها معركة لا يمكن التنازل أو السماح بخسارتها مهما كان الثمن، وهو ما يدركه الغرب ومتأكد من إمكانية حدوثه في أي وقت، وهو ما يدفع الولايات المتحدة الأمريكية للتحرك وطلب الدعم المالي والعسكري من حلفائها لأوكرانيا على أمل مد أمد هذه الحرب لشهور وربما لسنوات، أملاً في استنزاف القدرات المالية والعسكرية لروسيا لإضعافها اقتصادياً وإنهاكها عسكرياً للإبقاء على النظام العالمي السائد حالياً لأطول مدة ممكنة، خاصة بعد التقارب الكبير والتعاون الملفت والمساندة المطلقة للجانب الروسي من الصين التي تطمح في تغيير المعادلة لصالحها في المستقبل من خلال تحقيق النصر الروسي الكبير الذي بدأت ملامحه في التأثير على جدوى النظام العالمي الحالي بقيادة أمريكية غربية وتحالف بدأ يفقد مصداقيته ويسقط يوماً بعد يوم .. وهو ما ستكشفه الأسابيع والشهور القليلة القادمة بوضوح لا يحتمل الشك من جميع الجوانب.
وللحديث بقية بكل تأكيد!
مع خالص تحياتي