الأديبة والباحثة : إخلاص فرنسيس
من ينقذُني من كوابيسِ الوجعِ
يمزّق الدّمعُ ابتسامتي
أناملي في مخاضٍ لا ينتهي
دمي يئنّ في دمي
يكتمُهُ بكاءُ طفلٍ لم يُكترَثْ بأحلامِهِ
مجبولٌ من صلصال اليتم
أبخرةٌ تنبثقُ من قبرِهِ الأزرقِ
وصوتٌ كالصّدى
لعروسٍ تشدُّ على يدِ البحرِ
تستنطقُ الموجَ
وعلى مرأى النّجومِ
أشعلَتْ شمعةً بلونِ الغيابِ ومضَتْ
فراشةً تمضغُ الألمَ تلمُّ أجزاءَها المبعثرةَ
من يُعتقني من أسرِ حزني
يفرشُ المطرَ على يبابي
عصفورٌ يحملقُ في وجهي
يروي لي تاريخَ بيروتَ الدّامي
يرشقُني بالرّيحِ ساخراً
يحملُ إليّ محنةَ الأرواحِ
حيثُ الموتُ منحةٌ
وصوتُ ليلٍ لا ينتهي
ونزفُ نايٍ بعيد
أريدُ أن أبكي، دمعي أكبرُ منّي
لا سريرَ فأرتمي عليهِ
لا مهدَ لطفولتي الممزّقةِ
قالتْ زهرةٌ باكيةٌ
تغمِسُ في الأسى أريجَها
زمهريرٌ هائجٌ في جسدي
ها أنا أضمّ إلى قلبي أشلاءَ روحي
أشلاءَ الضّحايا في البرِّ والبحرّ والجوّ
وفي قلبي
بسطتُ قلبي أمامي
أُصغي إلى ذكرياتي
أسمع صوتَ أرضٍ فاغرةٍ فاها
تسفكُ دمَ أبنائِها نخباً للفجيعةِ
وتمسحُ برمادِ الغيمِ ضميرَها
بيروتُ
اليوم قطعوا بالنّار حبليَ السرّيّ
ماذا أقولُ يا بيروتُ
تنداحُ صرختي حتى آخرِ البحرِ
حتى آخرِ الجمرِ
غمّسي هواءَكِ في دمي
مدّ يا أرزُ أغصانَكَ
توهّجي يا سماءُ
انتفضي من تحتِ رمادِكِ
يا موجُ ردّ أشلاءَهمْ
اكتبْ أسماءَهم
يا غيمُ اسكبْ مطرَكَ
لملمْ يا ترابُ عطرَهمْ
انثرْ يا بنفسجُ حزنَكَ،
أحدّقُ في الأرصفةِ
أحدّقُ في البحرِ في اللا شيءِ
لا أرى سوى ظلّي البعيدِ
هل أغفرُ لكم
يا من سحبتُم منّا الحياةَ
يا من بقرتُم أحلامَنا وخنقتمُ الأجنّةَ
وأعلنتمُ الأحكامَ العرفيّةَ على الجمالِ
بيروتُ
أركضُ في شوارعِكِ مجنونةً
تتساقطُ الأبراجُ كالرّيحانِ
بيروتُ
الحرائقِ كُحلكِ
وأساطيرُ اللعنةِ تطاردُكِ
اشهدْ أيها البحرُ والطيرُ والهواءُ
اشهدْ على من كسرَ ظهرَها وروحي
وزّع َ الموتَ بسخاءٍ
بيروتُ
أبكي عليكِ أبكي عليّ
فدمعي آخرُ ما أملكُ