بقلم: كنده الجيوش
شكل جديد من أشكال الثورات الفردية نشهده اليوم ولكنه ليس ضد حكومة ما. بل وربما هو شكل من خلاله تحول الغضب من الحكومات واشكال الاحتجاج والثورات الكبرى .. الى ثورات بسيطة (وفشة خلق) وتنفيس غضب هنا وهناك على وسائط التواصل الاجتماعي والفيس وتويتر وانستغرام وتك توك وغيرها.. كلمة في غير مكانها ..وياتي الجواب حظر على هذه الوسائط! او هو شكل من أشكال التحكم .. او الاضطهاد كما يسميه البعض.
ويبدو الكثير منا اليوم غاضبا وربما ثورجيا وهو يندد بانه تم حظره من قبل الفيس بوك، حيث تنقح اجهزة الكمبيوتر المجهزة ب لوغاريتميات متنوعة ما كتب او قال وترى حسبها انه استعمل لغة غير ملائمة للمعايير او استعمل مادة غير صحيحة.
ولوهلة تبدو هذه الاليه والفكرة وكأنها وسيلة ناجعة لتغيير أشكال استعمال هذه الوسائط الاجتماعية . حيث من المعروف ان وسائط التواصل تستعمل كإحدى وسائل الترتيب او التحفيز اوتنظيم التحركات الشعبية او النخب الاجتماعية والثقافية والسياسية وغيرها من الناشطين..
ومنها تتحول الى وسائط لامتصاص التحركات والغضب الذي يعيشه هوؤلاء وتوجيهه باتجاه اخر. وطبعا اعادة التوجيه للناشطين هذه – وهي غير موجهة بحد ذاتها – تخفف او تعيد توجيه تحرك الناشطين ولكن لا تمنعه او تلغيه. وهي كثقب صغير في قربة كبيرة .. وربما تشبه – ولا تقارب – ما تسمح به بعض الحكومات الديكتاتورية من انتقاد موجه لامتصاص غضب الشعوب.
وانا أدعو ان نستعرض معا الظاهرة لا ان نأخذ موقف منها هنا!
ورغم كل هذا الاحتجاج والثورية الفيسبوكية ضد عقل جهاز الكمبيوتر – والتي تبدو وكأنها كمن يحارب طواحين الهواء مثل دونكيخوته – فإن وسائط التواصل مليئة بالمعلومات الخاطئة او الأفكار المسفة اخلاقيا والغير صحيحة ولكنها لغويا لا تفتقر للمعايير ! وتمر بسهولة تحت رادار خوارزميات او لوغاريتميات وسائط التواصل.
واستعمال هذه الخوارزميات ليس سيئ او خطأ من حيث المبدأ وهو احسن الموجود. ولكنه ليس عادل وميزانه به خلل لانه يعاقب البعض ويترك الملايين يعبرون بكل سهولة!
ونرى ان البعض يعاني مما يمكن ان نسميه اليوم «خوارزميات الاضطهاد» ويحارب طواحين الهواء على صفحات الفيسبوك -مثلا – وأحيانا يكون مظلوما واحيانا ينطق بلغة ثورية ضد الكمبيوتر .. وأحيانا اخرى نرى البعض الاخر لا يبالي ويتحدث عنها بطرافة ويوفر الجهد للمعركة الحقيقية. البعض يرضي حب الظهور والبعض يعرض قضية عادلة والبعض… والبعض..
«خوارزميات»