بقلم: سليم خليل
وُلد الكاتب والصحفي شاهين مكاريوس ١٨٥٣ – ١٩١٠ في قرية إبل السقي في جنوب لبنان وأطلق عليه اسم أبو الأوسمة في مصر لوفرتها على صدره .
إبل السقي مثل باقي قرى لبنان وبلاد أخرى في عهد بني عثمان عانت من الظلم وسوء الأحوال المعيشية وهجرة الشباب إلى المدن أو إلى الخارج ؛ غادر شاهين وهو في مطلع شبابه القرية إلى بيروت حيث عمل في مكتبة الجامعة الأميركية وهناك إستفاد من مطالعة مختلف الكتب وأتقن اللغة العربية وهاجر من هناك إلى مصر مثل غيره من أدباء الوطن العربي لأن مصر تمتعت في تلك الفترة بإزدهار فكري وحرية صحافة وإقتصاد مزدهر أكثر من باقي المناطق العربية تحت حكم بني عثمان الذين أغلقوا المدارس العربية تمهيدا لنشر اللغة التركية في البلاد التي سيطروا عليها عدة قرون .
في مصر أسس مع الكاتب فارس نمر والأديب يعقوب صروف عام ١٨٨٨ جريدة يومية بإسم -المقطم – وهذا إسم جبل في شرق القاهرة يُعتقد أن الأهرام بنيت من صخور هذا الجبل . كانت الجريدة ناطقة بإسم الإحتلال البريطاني وأغلقت مع عدد من الصحف سنة ١٩٥٢ عام ثورة يوليو بزعامة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر .
نشر شاهين عدة كتب ونال الكثير من الأوسمة ؛ وكان مقربا من الخديوي الذي كان له نفوذ قوي على فلسطين ولبنان تحت حكم بني عثمان .
وقع خلاف بين كامل بيك الأسعد الزعيم اللبناني في جنوب لبنان ورضى بيك الصلح متصرف ولاية بيروت وممثل السلطان العثماني ؛ تحاشيا للمواجهة وتوسيع الشجار قرر كامل الأسعد الذهاب إلى مصر حيث استقبله الصحفي اللبناني شاهين مكاريوس وقدمه إلى الخديوي الذي توسط لدى الباب العالي العثماني ليضغط على ممثله رضى الصلح وحل المشكلة.
نتيجة الوساطة عاد كامل الأسعد إلى لبنان عزيز الجانب .
بعد فترة قصيرة قرر شاهين مكاريوس زيارة ذويه في قريته إبل السقي في جنوب لبنان حيث استقبله كامل الأسعد إستقبال الزعماء الأبطال وجهز فريقا من الفرسان والخيول مع حصان مزين بستار جميل وبسرج فخم ليمتطيه شاهين عند دخول القرية !
رفض شاهين أبو الأوسمة ركب الحصان وقال :
عندما كنت صغيرا كنت فقيرا أركض وراء الحمير وأحلم أن أعتلي واحدا منها ؛ والآن أريد تحقيق أمنيتي وحلمي؛ أمر كامل الأسعد تنفيذ رغبات شاهين ودخل أبو الأوسمة القرية على حمار محاطا بالفرسان وفريق لاعبي السيوف .
بين المستقبلين كان كاهن القرية الذي تفاجأ من المشهد وقال: تبارك إسم الرب؛ المسيح عاد إلى أورشليم على ظهر حمار وأنت إبن إبل السقي تعود إليها على ظهر حمار !