مســاحة إختــلاف.. بقلم: عادل عطية
عندما كنا صغاراً، وكنا نتلقى العقاب من أحد والدينا على جنوحنا،وشقاوتنا. كان يصيحأحدهما على وقعضرباته، قائلاً: “سوف أضربك حتى الموت”!
وكنا نعرف – رغم طفولتنا ـ، أن مثل هذا التهديد، وغيره.. ما هو إلا كلمات عارية من أي معنى في قانون عقابنا،فهي تُنطق لتُسمع، ولا يؤخذبها في الواقع!
ولكنها هي ذا التهديدات الخيالية،تنطلق من بيوتنا، لتصبح حقيقة في إرادة الذين كادوا أن يكونوا رسلاً،فكانوها، ولكن رسلا للموت!
من منا لم يبتل قلبه بالدموع، على الطفل “إسلام”، الذى لم يتجاوز الحادية عشرمن عمره، ولم يكن يعرف أن صباح ذلك اليوم الحزين، هو آخرالصباحات التي سيرتدى فيها زيهالمدرسىالجميل، وهو يجرى مهرولاًإلى مدرسته، عندما أخذ مدرس الرياضيات،عصاه الرهيبة، تسبقه تكشيرتهالمرعبة، وأخذ يعاقبه على عدم تأديتهلفروضه المدرسية.
كانت العصا غليظة، ومؤلمة.وبقدر الألم كان صراخه، وبقدرصراخه، كان يزداد المُعلّم هياجاً،ووحشية.. فأخذ يركله في بطنه،وفى صدره. وأخيراً صاح فيه: “أجرىأقعد مكانك يا حيوان!”.
لكن “إسلام”، لم يستطع العودة إلى مكانه، فقد سقط على الأرض يتلوىمن شدة الألم، وقلبه يحاول اللحاق بتلابيب الحياة الهاربة، والتي ركلتهاالأقدام!
وفي المشفى، رحل “إسلام” عنعالمناالقاسي قبل أن يفرح مع زملائه بأعيادالطفولة!
ومن منا لم يتمزّق قلبه حزناًوأسى على “خديجة”، التي لحقتبنظيرها، ولم يمض على رحيله شهراً؟!
فهى أيضاً لم تُظهر كراسة واجباتهاالمدرسية، فأخذ مدرسها يكيل لهاالضربات الدامية، ويطلق عليهاشتائمه البذيئة، التي فاقت العذابالمؤلم.وأخيرا سقطت على الأرض؛ لتعلن نهاية قصتها كطالبة!
وهكذا أصبحت العصا، في يدالمدرس، من أداة تشير إلى أرقاموحروف المعرفة، إلى أداةللقسوة،والعنف، والذل، والموت!
وهكذا أصبح التأديب، الذي لـه أصوله وحدوده، تعذيباً لا حدود له،ولا نهاية، إلا النهاية!
إن موت طفل، يشبه أنطفاء نجمةمشعة، أو سقوط شهاب. وهذا يعنى نقص كمية الجمالوالبراءة، في الكون..وهذا أمر محزن، ومؤلم!.