بقلم: سونيا الحداد
مجلس المدرسة الكاثوليكية قرر بعد التحليل العميق والهادف، أن يحرق ألاف الكتب تعبيرا عن حسن نيته وجديته في تسريع المصالحة مع أهل البلد الأصليين. وقع الخبر وقع الصاعقة على ملايين الكنديين وحتى أهل البلد الأصليين الذين لا علم لهم ولا خبر بهذه المأساة المهزلة. التي تم الإشراف عليها من قبل من تسمي نفسها «حارسة المعرفة»! والتي دخلت الحزب الليبرالي كونها من أصول السكان الأصليين، واليوم تمّ فضحها بأن لا علاقة لها بهم ولا روابط جينية معهم منذ تسعة أجيال… بين دموع ترودو التي يزرفها كلما طلب السماح من أحد وكذب حارسة المعرفة وصلنا إلى حرق كتب علنا بهدف السلام!!! ألا يوجد طرق أكثر سلمية وأقل وحشية من أجل التحدث عن السلام والمحبة؟ ألا تعرف هذه المجالس لغة أفضل من لغة النار التي ما زالت ذاكرتها تؤلم جينات البشرية؟
ما هي المرحلة القادمة؟
هل سنحرق من يتجرأ على الكلام، او على قراءة احد الكتب الممنوعة؟ لماذا لا نعيد إذا المحارق والإرهاب إلى مجتمعات تعتبر أنها تحررت بعد أن دفعت الأثمان الغالية وعلى كل الأصعدة. لماذا لا نطلق فتوى بقتل كل من يفكر أو يحلل أو يعبّر عن وجهة نظره بكل حرية، مثلما حصل مع الكاتب سلمان رشدي؟ لماذا لآ نضطهد كل من يكتب أو يفكر ونقليهم في السجون تحت تهم مزورة بحجة لجمهم والتخلص منهم عبرة لغيرهم؟
ما هو الهدف من هذا المرسال القبيح المرفوض كليا والذي يتخفى تحت راية التسامح والمصالحة من قبل من اتضح أنها زورت كل المعلومات التي تخصها من اجل دخول السياسة وما أدراك بدهاليز السياسة وشياطينها.
أي مرسال يرسل مجلس الكنيسة الكاثوليكية إلى الأطفال الذين شهدوا حرق الكتب التي تم دفن رمادها سمادا لشجرة زرعت في المكان… هذه الكتب هي جزء من التاريخ لا يتجزأ. على الجميع قراءته ومواجهته وتحليله والتأمل به والحوار حوله للخروج بأجوبة وحلول ديمقراطية قائمة على قناعات اجتماعية فكرية تؤدي إلى مصالحات مستديمة تؤهل الانتقال الى مراحل متقدمة من العلاقات الإنسانية السليمة.
ما يحصل الآن ليس عملاً بريئا أبدا، إنها بوادر اللعنة التي حلت على هذا البلد تتآكله يوما بعد يوم منذ استلامه من قبل سياسيين تافهين، فارغين فكريا وثقافيا، يتملكون جميع الصفات التي تجعل منهم أحجارا على رقعة الشطرنج، واللعبة بدأت وابتدأ معها التراجع والانهيار قبل الضربة الأخيرة وكم أخاف لونها ونوعها. لن يعرف هذا البلد بعد اليوم عصره الذهبي والذي تم إعلان رحيله حرق هذه الكتب. وصمة عار أخجل منها، تدمي روحي وفكري!