بقلم: فـريد زمكحل
الفصل بين السلطات ضرورة يحميها الدستور في الدول المتقدَّمة ويؤكد عليها وعلى احترامها واقع الممارسة الفعلية المعاش والمطبق على الأرض، على اعتبار أنه السياج الواقي للحقوق والواجبات المستحقة والمفروضة على كل فرد من أفراد المجتمع ككل، بدءًا من أكبر مسئول في الدولة إلى أصغر شخص فيها، وهو ما يقوِّى من دعائم الشعور بالأمن والآمان لجميع أفراد المجتمع على حدٍ سواء والسبيل الوحيد للنهوض بالأمم والشعوب من كافة الجوانب الأمنية والاقتصادية في إطار من المثل والقيم الأخلاقية النبيلة لمناهضة كل أشكال الفساد التي لا تتوقف عن مسعاها الدائم لتحقيق وتقديم مصالحها الشخصية على الصالح العام للدولة بمفهومه الشامل والعميق.
وفي النهاية هو الفارق في القياس بين الدول المتقدمة وبين تلك المتخلِّفة وللسلطة القضائية في تقديري الشخصي المكانة الأولى والرئيسية في تحقيق التوازن المطلوب بين جميع السلطات وفقاً لنصوص القانون الهادفة لترسيخ منطق العدل وتحقيق العدالة للجميع.
الأمر الذي لا أراه يتحقق في وطني الأم مصر، خاصة في القضايا الحقوقية والمجتمعية التي يتم التعامل معها بعيداً عن المنظور الإنساني المنوط بالقضاء المصري التعامل معه بكل الحيادية والنزاهة والشفافية لإرساء قواعد العدل والعدالة.
وقضية الطفل شنودة في مصر مثال لا يحتمل التأويل أو التشكيك، حيث تثبت ذلك مجريات المعالجة القضائية الخاطئة له مع كافة معطياته الإنسانية في المقام الأول والثبوتية في المقام الثاني إستناداً على التشريعات الفقهية والدينية العقيمة والمؤثرة على فكر وعقلية القاضي في حكمه الصادر ويتنافى غالباً مع مفهوم تحقيق العدل والعدالة بروح القانون الإنسانية لا التشريعية، الأمر الذي من شأنه خلق الفتن الطائفية والتشجيع عليها ويفتح الباب لكافة أشكال التدخلات الخارجية على مصراعيها، ويُفقد المواطن ثقته في القضاء وأحكام القضاء بصورة وأخرى.
خاصة لو كان هذا المواطن بلا دين أو لايدين بدين الأغلبية.
الأمر الذي يحوِّل مثل هذه القضايا من قضايا إنسانية إلى قضايا عقائدية، وهو ما لا يحدث سوى في الدول الدينية المتخلفة.
ومازلت أطمع بأن يأتي اليوم الذي يعود فيه القضاء المصري والقاضي المصري إلى شموخه المعهود الذي عُرف به وعُرف عنه لتحقيق العدل والعدالة لصالح مصر والحفاظ على اسمها في المحافل الدولية كما يجب أن تكون عليه اسماء الدول المتقدِّمة في العالم.
ورجائي أن يعود للقضاء المصري استقلاليته .. ليعود وتعود معه مصر التي عرفناها وتعيش في داخلنا وإن كنا لا نعيش فيها بسبب غياب العدالة وتفشِّي الفساد!!
اللهم إني قد بلّغت اللهم فأشهد.