شعر: نسرين حبيب
في مَدارِ الصّدفةِ في بوينس آيرس
سحبَني تيّارُ الهوى إلى نيرانِ «ميلونجا»
وأنا سائحةٌ نَهِمة في «لا بوكا» الأرجنتينيّة
.. راقصَني على قدرِ معرفتي بالتّانغو
جارَيْتُه على قدرِ شغفي برقصةٍ لاتينيّة
لازمَتْني ضحكتي على الرّغمِ من جدّيّةِ الموقف
وما تَفرضُه الرّقصةُ من تحدّ وشغف
لم يَبتسمْ وهو يُسيطرُ على دفءِ عينيّ
هجينٌ بوقاحةِ الكادِحينَ وأربابِ الجَدَف
اخترقَتْني سهامُ النّظراتِ الجريئة
فأخفيْتُ ارتباكي وراء الثّغرِ
وابتساماتٍ بريئة
.. وانحدرَتْ..
على عنقِه تلكَ القطرةُ الفريدة
استحوذَتْ على إيقاع تفكيري واستشعاراتي
على مَتنِ التّانغو
سلبَتْني متعةَ اللّحظةِ وإثارةَ تناغمِ الخطواتِ
.. وانحدرَتْ
تلك الممزوجةُ بعطرٍ رخيص
عطر… يَقطرُ حلاوةً ونضارة
في مسارها رسمَتْ بصيص
من العذوبةِ عن جَدارة
ذراعٌ فوق الكَتِفِ
وذراعٌ تحت الإبطِ يَستريح
مشدودٌ بمهارة
لا يُلامسُ أطرافَ الخصرِ
بل يَنحصرُ عند الظّهرِ، يا خسارة..
كلُّ ما في اللّحظةِ سحرَني
من موسيقى دبيبة
لِعِرقٍ من بلاد عجيبة
.. كأنّها حفظَتِ المَسار
من العنقِ نزولًا وانحدارا
سالكةً مجراها
لا تتلوّى يمينًا أو يسارا
حتّى استقرَّتْ عند ملمسي
وخدرَتْ مسامَ جلدي
فانتفضَتِ الأناملُ الممدودة
وتساءلَتْ لم استقرَّتْ عندي؟!
أهي صدفةٌ قدريّةٌ أم مجرّد قطرةٍ لعوب
حفظَتْ دورَها الجدّيّ
لِتُلاعِبَ سائحةً غريبة
وتُسجّلَ كلَّ يومٍ انتصارا؟!
وعند صمتِ الموسيقى.. غمزني من يُراقِصُني
غمزةَ عارفٍ لَبيب
لأنّه يَعرفُ ما تَفعلُهُ قطرةُ عَرَقِهِ الغدّارة