بقلم: فـريد زمكحل
التصعيد الحالي والمستمر في مستوى العمليات القتالية بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، بات يتصدر عناوين الصحف الدولية والعربية منذ العملية النوعية التي قامت بها إسرائيل في تفجير الالآف من أجهزة البيجرز الموجودة وفي حوزة مقاتلين حزب الله وأدى إلى استشهاد أكثر من 100 مقاتل وإصابة أكثر من 4 الآف فرد بجروح بليغة وعاهات دائمة أدت للرد المتسرع من جانب حزب الله بقيامه بقصف صاروخي على المستوطنات الإسرائيلية لنصل إلى قمة المشهد من خلال القصف الإسرائيلي المتكرر لعدد من المناطق التابعة للجنوب اللبناني في بداية الأسبوع الجاري رداً على ما قام به حزب الله، وأدّى إلى مقتل وجرح المئات من السكان المدنيين من اللبنانيين، الأمر الذي وصفته بعض الصحف البريطانية بأنه المشهد الأكثر دموية في لبنان منذ آخر حرب وقعت بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006.
والذي يؤكد بعض المحللين السياسيين ومنهم الكاتب جوزيف كراوس في إحدى مقالاته المنشورة في كبرى الصحف البريطانية عن ما يحدث في لبنان بأن المسئولين الإسرائيليين يؤكدون على أنهم لا يسعون للدخول في أي حرب مع حزب الله وبأن هناك فرصة لتجنبها في حال أوقف حزب الله وجماعته المسلحة هجماتهم عليهم وابتعدوا عن الحدود، هذا في الوقت الذي صرّح فيه حزب الله بأنه مستعد للحرب وإن كان لا يُريدها.
وفي تقديري بأن القصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل أدّى إلى وقوع انقسامات خطيرة في لبنان حول دور هذا الحزب الشيعي، وهي انقسامات سبقت ظهور قرار الحزب بشن هجمات ضد مواقع عسكرية إسرائيلية دعما لغزة في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 . انقسامات كانت ومازالت مستمرة بين أولئك المؤيدين لحزب الله وبين المعارضين له ولنشاطه العسكري في لبنان.
خاصة وهو بلد متعدد الطوائف وللهوية الدينية تأثيراتها القوية على السياسات الرسمية الممارسة بين اللبنانيين على الأرض في عموم المشهد السياسي في لبنان حيث أن العدد الأكبر من المنتقدين والمعارضين لحزب الله الشيعي الهوى والهوية من (المسلمين السنة ومن المسيحيين)، إلا أن هناك من يرى الحزب بأنه بمثابة الوكيل الرسمي لإيران في لبنان ما يهدد الوضع العام للبنان ويشل من قدرات الحكومة الرسمية للدولة اللبنانية ويطالبون بضرورة نزع سلاحه وخضوعه أو اندماج عناصره داخل الجيش اللبناني الرسمي ما يكشف بوضوح خطورة الوضع السياسي القائم على التحالفات الدينية ومدى تأثيرها في رسم الخطوط العريضة للسياسة العامة للدولة اللبنانية.
وفي تقديري للوضع إذا ما استمر الأمر على ما هو عليه بأننا سنشهد وضعاً مشابهاً لما رأيناه ونشاهده في غزة وربما أكثر في لبنان، وهو ما لا أتمناه لهذا البلد الشقيق الذي كان منارة للفكر وحرية الرأي والتعبير في شرقنا التعيس.
والحل في رأيي ينحصر بضرورة العمل على توحيد الصفوف وعدم القبول بأي انتماءات خارجية لأي فصيل لبناني غير للبنان والصالح العام للبنان، وهو الأمر الذي يحتاج للكثير من الصلاة والكثير من العمل الجاد والمخلص من الجميع لاستعادة مفهوم الوطن ومدلول الوطنية المخلصة بعيداً عن كل التدخلات الخارجية المغرضة.
حفظ الله لبنان وشعبه ووحد فيما بينهم لعلهم يستطيعون معاً من مواجهة هذا الموقف الخطير.