بقلم: فريد زمكحل
لا أستبعد أن يأتي اليوم الذي نجد فيه منّ يُطالب بمحاكمة الرئيس عبد الفتاح السيسي بتهمة ازدراء الدين الإسلامي إسوة بما حدث مع الباحث الإسلامي المعروف إسلام البحيري، وما يحدث هذه الأيام مع الباحث الإسلامي المستشار أحمد عبده ماهر الذي صدر حكم قضائي بحبسه لمدة 5 سنوات مع النفاذ لما جاء في كتابه الصادر حديثاً تحت عنوان «إضلال الأمة بفقه الأئمة»، ويُهاجم فيه الفكر المتخلف والفقه المتطرف للسادة الأئمة الأوائل في الإسلام.
أقول لا أستبعد أن يأتي اليوم الذي نجد فيه منّ يُطالب بمحاكمة الرئيس السيسي بتهمة ازدراء الدين الإسلامي بتشجيع مباشر من مؤسسة الأزهر ومن عميدها الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب.. لما قام ويقوم به فخامة الرئيس منذ توليه مهام منصبه الجديد كرئيس للجمهورية، ويتعارض شكلاً وموضوعاً مع مفردات هذا الفقه الرجعي والمتطرف بكل ما يحمله الوصف من معنى، وهو أول رئيس يأمر بالسماح ببناء كنائس جديدة مع ترميم ما يحتاج لترميم من الكنائس القديمة، وهو أول رئيس لجمهورية مصر العربية يقوم بزيارة الكنيسة المصرية في أكثر من مناسبة لتقديم التهاني لقادة وأباء وشعب الكنيسة القبطية (المصرية) الأرثوذكسية بمناسبة عيد الميلاد المجيد للسيد المسيح!
وهو أول رئيس يُطالب مشيخة الأزهر الشريف وشيخ الأزهر الشريف شخصياً بضرورة تغيير الخطاب الديني في الجوامع والمدارس والجامعات ووسائل الإعلام بما يتناسب مع مفاهيم الخير والسلام الذي نص عليها المولى عز وجل في القرآن الكريم!
وهو أول رئيس طالب بضرورة إذاعة مراسم القداس الإلهي أيام الآحاد عبر القنوات الرسمية للدولة الفضائية منها وغير الفضائية!
علاوة على أنه أول من تصدى بحزم وحسم لجماعة الإخوان المسلمين وقادتها حتى تم حظرها بحكم قضائي مصري تاريخي وحظر كافة أنشتطها ومصادرة ممتلكاتها التجارية والمالية ومراكزها الدعوية التي تحث على التطرف وتكفير غير المسلم وعدم القيام بتهنئته في مناسباته الدينية، عملاً بما جاء عن أبي هريرة عن رسول الله، وقال فيه: «لا تبدؤا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه» (رواه مسلم). وهو بعض من كل ما جاء في هذا الفقه الرجعي المتخلف ويُناقض ويتناقض مع كلام الله عز وجل: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يُخرجوكم من دياركم أن تبرُّوهم وتُقسطوا إليهم إن الله يُحب المُقسطين»!!
أقول لا أستبعد أن يأتي اليوم الذي نجد فيه منّ يُطالب بمحاكمة الرئيس، لكل هذا وذاك وعلى كل هذا وذاك وهو أول رئيس مصري يهتم بترميم الآثار المصرية القديمة وبتجميل وتجديد وإظهار فنون الحضارة الفرعونية من أثار ومعابد وطرق إلى آخره وهو ما يُعد فقهياً نوع من الكفر وتشجيعاً ضمنياً على تكريم الأصنام وهو ما نهى عنه القرآن والرسول ومن بعده الصحابة..
نعم قام الرئيس ويقوم بفعل كل ما يُحاكم عليه اليوم أصحاب العقول المستنيرة، وهو الذي نادَ ومازال يُنادي بضرورة تغيير الخطاب الديني محتمياً بما يتمتع به منصبه من حصانة كرئيس للجمهورية، في الوقت الذي يتم فيه الإطاحة والتخلص من أصحاب الفكر التنويري من المجددين بالحبس والسجن، وللأسف بأحكام قضائية تعسفية غير قابلة للنقض وللنقد وفقاً لأحكام القانون المصري المنظم للسلطة القضائية الذي يترأس مجلسها الأعلى الرئيس السيسي شخصياً. الأمر المُحيَّر وغير المفهوم وأصبح موضع تشكك من الكثيرين لما فيه من تناقض واضح بين القول وبين المُطبق فعلاً على الأرض، ويضع الرئيس في موقف لا يُحسد عليه ويُهدد الأمن القومي المصري الذي بات الجميع يجهل حقيقة توجهاته، وما إذا كانت الإدارة المصرية داعمة للفكر التنويري من عدمه!
الأمر الذي إذا استمر على ما هو عليه، كفيل بتعريض أمن وسلامة الوطن للخطر وعدم الاستقرار سياسياً وأمنياً واجتماعياً، وأُطالب الرئيس بكل وضوح وصراحة وحزم وحسم بتحديد مساره لأنه إما سيقودنا للأمام وإما سيعود بنا للوراء، بينما تتقدم جميع دول العالم من حولنا ممن ساندوا وبوضوح الفكر التنويري على هذا الفكر المتخلف المتطرف!
وحتى لا يأتي اليوم الذي ينتصر فيه أصحاب هذا الفكر الظلامي ويُطالب أحد أنصاره بمحاكمة الرئيس بتهمة ازدراء الدين الإسلامي وهم كُثر مع الأسف الشديد في وطننا الغالي.
اللهم إني قد بلغت اللهم فأشهد!!