بقلم: فـريد زمكحل
مازالت الأخبار المتداولة حول الموقف العسكري على الأرض في مدينة خريسون بين القوات الروسية والأوكرانية غير واضحة ومتضاربة إلى حدٍ كبير، رغم استمرارية سيطرة الجيش الروسي الذي حمّل لـ «كييف» مسئولية قصف وصفته بالمتسبب الرئيسي في أضرار طالت سدّ كاخوفا، ما أدى إلى انقطاع المياه والكهرباء عن المدينة بعد تضرر ثلاثة أبراج أسمنتية تحمل خطوط جهد عالي على محور بيريسلاف – كاخوفا، وذلك من خلال بيان أكدوا خلاله عدم وجود كهرباء ولا ماء في المدينة وفي بعض أحياء المنطقة، وأنه يُعد أول انقطاع معلن من الجانب الروسي في الماء والكهرباء عن مدينة خيرسون التي يسيطر عليها الجيش الروسي مستهدفاً مراراً ضرب البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، خاصة في الأسابيع الأخيرة، الأمر الذي أدى إلى انقطاع كبير وواسع في الماء والكهرباء في العديد من المناطق على غرار العاصمة كييف في تطور خطير للصراع الدائر حالياً بين الجانبين، والذي صرح السيد/ رسلان اغاييف المسئول في الإدارة التابعة لروسيا في مدينة نوفايا، بأن «كل شئ تحت السيطرة» في المنطقة المجاورة لسدّ كاخوفا، والتي تبعد 60 كيلومترا عن مدينة خيرسون، وبأن الصاروخ الذي أصاب السدّ المُشيد على نهر دنيبر مصدر المياه الأساسي لشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو لأراضيها سنة 2014، لم يلحق به أضراراً خطيرة، والتي قامت القوات الروسية في الأيام الثلاثة الماضية بإجلاء المدنيين من كافة القرى المحيطة بالسد خشية تعرضه إلى أي هجوم صاروخي محتمل من الممكن أن يؤدي إلى تدميره بهدف إغراق الضفة اليسرى «لنهر دينبر» وفق تقديرات السلطات المحلية.
وفي تقديري أن «معركة خيرسون» الوشيكه الوقوع ستكون هي الأشرس عسكرياً في هذه الحرب، حيث ستزيد من حدة التوتر بين المعسكر الروسي والآخر الغربي على أكثر من صعيد، خاصة بعد إخلاء موسكو لسكان المدينة من المدنيين وتحويلها إلى حصن دفاعي بشكل واضح، ما ينذر بمواجهة عسكرية قد تكون هي الأعنف منذ إندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، هذا أولاً.
أما ثانياً: التهديد العلني والصريح لموسكو باستهداف وضرب كافة الأقمار الاصطناعية الغربية في حال ثبوت تورطها في تزويد الجانب الأوكراني ببعض المعلومات الاستخباراتية عن التحركات العسكرية للجيش الروسي والذي يثق بأن الصقيع المتوقع خلال 6 أسابيع قد يعوق من تقدم القوات الأوكرانية، وهو ما سيكون لصالح القوات الروسية بكل تأكيد.
ثالثاً: لأهمية هذه المدينة بالنسبة للجانب الروسي من الناحية الاستراتيجية حيث خسارتها تعني العودة إلى نقطة الصفر من جديد في هذه الحرب، لأنها بمثابة تأمين للوجود الروسي في شبه جزيرة القرم، علاوة على موقعها الجغرافي المتميز المطل على البحر الأسود وعلى بحر أزوف.
وكل هذه العوامل المهمة سوف تجعل الاحتفاظ بها مسألة حياة أو موت بالنسبة للروسي الذين لن يتراجعوا عن استخدام السلاح النووي للحفاظ على هذه المدينة إن اضطرتهم الظروف على الأرض إلى اللجوء لهذا الخيار المدمر ولو كان في أضيق الحدود!!
والتي ستكشف الأيام والأسابيع القليلة القادمة حقيقة ما سوف يسفر عنه الوضع العسكري الخطير والمتأزم في هذه المدينة التي لا تقبل القسمة على أثنين بكل المقاييس!!