كينده الجيوش
نظرة سريعة.. وبكثير من الألم.. الى الحادث الاجرامي الذي قتل فيه نساء ورجال أبرياء في مدينة تورونتو اخيراً يعيد الى الاذهان نظرية المثل الشعبي الذي يقول «يكابرون ولو على الخازوق».
وهذا على اعتبار ان المجرم الذي دهس المارة بسيارة كان يعاني من عقدة الدونية ويريد الانتقام لان محاولاته للتودد الى النساء رفضت مرات كثيرة! والمثل عادة يستعمل للمقامرين!
وكان ماقام به هو او ممن سبقوه الى فعل شنيع كهذا أشبه بمحاولة للانتحار – الخازوق- حيث يقتل هو بالحادث مع الضحايا… وتثار ضجة إعلامية ويكثر الحديث عنه وعن هذه المشكلة وجوانبها ودوافعها! ولكن عاش!
وربما بالنسبة لهذا المجرم – والأمراض النفسية او العقلية التي ربما كان يعاني منها- لم يكن الاعلام هو الهدف الاول وإنما «الخازوق».. سنعرف المزيد لاحقا عن تفاصيل هذا الحادث المؤسف.. !
وهنا لا يمكننا إلا ان يدفعنا هذا الحادث الاليم الى اعادة النظر في الجانب الإعلامي والمعلوماتي الذي توفره وسائل التواصل الاجتماعي
هذا الشخص – الذي اصبح مجرما الان – تابع اخبارا عنفية وربما سيطرت على تفكيره! ولكن ليس كل الأشخاص المريضين نفسيا وعقليا عنيفين! او يمكن لهم ان ينجروا الى هذه الهاوية!
ويطرح السؤال: هل يتوجب علينا ان نقوم بنوع من الرقابة – وبعض الشدة والمتابعة – للمواقع التي تنشر وتشجع على اعمال عنفية؟ دينية أم غيرها؟
في الواقع، وحسب مؤتمر عقد اخيراً عن العنف والدين والتشدد من قبل جامعتي ميجيل وكونكورديا في مونتريال، هناك بعض المراقبة والرقابة والمنع لمثل هذه المواقع على يوتيوب وغيرها ولكن توجد بعض الثغرات!
وأحيانا كثيرة يؤدي المنع الى نتائج عكسية وخاصة في جذب جيل الشباب وهم ذخيرة المستقبل! هؤلاء الشباب الذين هم فتيان وفتيات ممن تعوم في عقولهم وأجسادهم هرمونات النمو ودوافع التفرد والثورية والرغبة في التأكيد على الشخصية والتعبير الحر والخلاق عن الرأي.
وهنا تبرز مشكلة كبيرة اذ يصبح التيار الليبرالي والعلماني والإنساني الذي يتحدث عن الأخلاق والضوابط الانسانية وأهمية القيم في المجتمعات وضرورة ترويض المشاعر والغرائز البدائية لدى الانسان بما فيها العنف أقل جاذبية!!
ويصبح الصوت المرتفع والكلمات النابية والاعتراض على القوانين وحرية التعبير – التي لا تعترف بحدود حرية الاخر وضرورة احترام الضوابط والقوانين والمشاعر – هي احد أشكال إثبات الشخصية وقوة الرأي لبعض من هذه الفئة من الشباب — وان كانت تبقى بنظرنا عبارة عن فهم مشوه للمعاني الانسانية!
كيف يمكن لنا ان نستعيد ونشجع جيل الشباب بدلا من الانسياق وراء وهم الصوت العالي والصراخ والاجرام العنفي والتخفي وراء الدين تارة والمبادئ تارة اخرى لإثبات موقف ولفت نظر!
كيف يمكن لنا ان نوجِّه جيل شاب الى التمتع بكرسي الادارة السليمة والتخطيط لأجمل مشاريع الانسانية بدلا من الجلوس على الخازوق!