بقلم: سناء سراج
في مقال سابق كتبت عن تاريخ من العنصرية في أمريكا ضد أصحاب البشرة السوداء عبر السنين وما عانوا منه من التمييز العنصري، ومنهم من تغلب ومنهم من اندثر واُغتيل.
ويشهد على ذلك المأساة الاخيرة حادثة مقتل المواطن جورج فلويد اسود البشرة علي يد شرطي اراد اعتقاله ولكن قتله خنقا، وأدت تلك الحادثة إلى مظاهرات عارمة اجتاحت وقلبت أمريكا رأسا على عقب وما زالت مستمرة حتى الآن بل وتفاقمت وخرجت عن السيطرة، بل وامتدت لعدة دول تضامنا مع القضية والمناداة بالعدالة والمساواة بين البيض والسود، وسبحان الله نحن منذ عدة سنوات تجرعنا مرارة الدمار والفوضى التي خلفتها ثورة يناير والتي كانت اليد العليا والسفلي لأمريكا والصهاينة فيما حل بنا من دمار وخراب، حتى اجتزنا السنوات العجاف.
وسُقيت أمريكا من نفس الكأس الذي كم اغرقت به الكثير من الشعوب العربية وما اسموه بالربيع العربي الذي نعاني من سلبياته حتى الآن ، فأذاقهم الله واتي اليهم الخريف الدامي، وذلك علي خلفية مقتل المواطن الامريكي اسود البشرة جورج فلويد علي يد شرطي أمريكي أبيض البشرة، حيث جثا بإحدى ركبتيه على رقبته بعد ان طرحه أرضا وظل هكذا حتي اختنق ومات فلويد ولم يلتفت الشرطي لتوسلاته ولم يستجب لاستغاثته وترديده عدة جمل اني أختنق اني لا استطيع التنفس، اتركني، وهكذا حتي فقد الوعي ولفظ انفاسه الأخيرة ومات ومازال جاثيا عليه حتى بعد وفاته.
وبعدها اشتعلت المظاهرات العارمة وانتشرت كالنار في الهشيم .
كانت في بدايتها سلمية ثم سرعان ما تحولت إلى اجتياح لأغلب الولايات الأمريكية ، وتحولت للسلب والنهب والتكسير في الممتلكات الخاصة والعامة وحرق السيارات ونهب المحلات الكبري وإتلاف اي شئ في طريقهم، ومن ناحية أخرى ردت الشرطة بالعنف والاعتقال والضرب والقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاط، وخرجت شخصيات كبيرة في المجتمع مناهضة لما حدث من عنف الشرطة والتصرف بعنصرية ضد أصحاب البشرة السوداء وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي السابق اسمر البشرة باراك أوباما تضامنا مع أصحاب البشرة السمراء. ووصلت المظاهرات والاحتجاجات الي البيت الابيض وادي ذلك الي لجوء الرئيس الحالي لأمريكا دونالد ترامب إلى مخبأ سري أسفل البيت الأبيض لحمايته من التظاهرات العارمة والتي تزداد يوما بعد يوم تندد بالعنصرية الامريكية ضد أصحاب البشرة السمراء وصارت جملة جورج فلويد.. لا استطيع ان اتنفس هاشتاج للسخرية من أمريكا بلد الحريات وحقوق الإنسان ، وأصبحت علامة مميزة تدل على التوحش والعنصرية والعنف في أمريكا.
ومن المفارقات ، عندما هدد ترامب الصين بفرض عقوبات بسبب أزمة كورونا ووجه لها اتهام بأنها السبب الرئيسي في نشر فيروس كورونا واخفائها ظهور المرض في مدينة ووهان الصينية وتواطأ منظمة الصحة العالمية مع الصين بإخفائها المعلومات ( على حد قوله) حتى اجتاح هذا الوباء العالم كله بدون سابق انذار وحصد ارواح بالملايين، لم تردُ الصين غير بجملة واحدة ، .. لا استطيع ان اتنفس..
وهي آخر كلمات قالها جورج فلويد أثناء اعتقاله .
وقد كان تصرف الشرطي لا يقل فتكا عن كورونا التي تحتل الرئة بصدور البشر وتصيبهم بالاختناق حتى الموت الا من رحم ربي.
إذن هناك عدة تساؤلات : أين جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان أين الحريات؟ أين الديمقراطية؟ أين كل ما أصابنا بصداع ظلوا لسنوات وسنوات يتشدقون به؟
للأسف الايام اظهرت ان امريكا عبارة عن بالون كبير ملئ بالهواء مجرد شكة دبوس تفرغه من محتواه وتظهر حجمه الحقيقي فهي تشبه الطاووس جميل المنظر ذو ريش كثيف ومزركش بألوان بديعة ولكن داخله خاوي فارغ من المحتوى.. هواء. مجرد هواء.