بقلم : خالد بنيصغي
لم يقتصر فيروس “ كورونا “ عن كونه من الأمراض التي تدخل في تخصص وزارة الصحة فقط ، بل إنه كان ولا يزال “ جائحة “ اخترقت جميع الوزارات والمجالات في حياة الفرد والجماعات ، تضررت كل القطاعات بدون استثناء في العالم بأسره ، لكن وبالرغم من كون أغلب الدول آثرت مجاراة هذا الداء إلى حين انجلائه نهائيا بإذن الله ، ومراقبة الأوضاع الصحية على الخصوص بعدة إجراءات تندرج في إطار الحجر الصحي ، إلا أن ذلك لم يمنع من ظهور إفرازات ومعالم جديدة قد تغير مجرى التاريخ ، وسنحاول أن نوردها في النقط التالية :
- هل تنهار الولايات المتحدة الأمريكية ؟؟ : تعتبر الولايات المتحدة هي أكبر متضرر بالعالم جراء فيروس كورونا المستجد ، حيث فاقت الإصابات حتى الآن 2 مليون حالة مع ما يقرب من 114 ألف حالة وفاة. ويبدو أن المعركة ضد الفيروس ستطول ، كما يحذر مدير مكافحة الأمراض السابق بإدارة أوباما ، واعتبر “ ترامب “ أن أزمة فيروس كورونا “أسوأ” من الهجوم المفاجئ الذي شنته اليابان العام 1941 على قاعدة بيرل هاربور العسكرية في جزر هاواي. وقال في المكتب البيضاوي “إنها أسوأ من بيرل هاربور. إنها اسوأ من مركز التجارة العالمي” في إشارة الى اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001، مضيفا ما كان ينبغي لذلك أن يحصل . ويتفاوض الكونغرس على المرحلة الثانية من التمويل الفيدرالي بعدما وافق على مساعدة غير مسبوقة بقيمة ثلاثة تريليون دولار لمكافحة فيروس كورونا المستجد ومساعدة الاقتصاد على النهوض ، ولذلك يرى الكثير من الخبراء أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تعود بتلك القوة الضاربة التي تحكم العالم ، بل ستظهر قوى أخرى غيرها ، بيد أنها “ أي أمريكا “ ستكون منشغلة بتعافي اقتصادها الذي شُلَّتْ كُلُّ قطاعاته وذلك لسنوات طوال .
- إثيوبيا تعلن عزمها ملء سد النهضة ومصر والسودان على المحك : أعلنت إثيوبيا التأكيد على اعتزامها السير قدماً في ملء خزان سد النهضة دون التوصل إلى اتفاق ، وهو الأمر الذي يتنافى مع التزامات إثيوبيا القانونية الواردة بإعلان المبادئ ، ويلقي بالضرورة بظلاله على المسار التفاوضي وكذلك النتائج التي قد يتم التوصل إليها. ورغم ما تقدم ؛ فإن مصر سوف تشارك في الاجتماع الذي دعت إليه السودان ، من أجل استكشاف مدى توفر الإرادة السياسية للتوصل إلى اتفاق، وتأكيداً لحسن النوايا المصرية المستمرة في هذا الصدد .
لكن السؤال المطروح هو لماذا توقفت المحادثات ، وأصرت إثيوبيا على اختيار وقت غير مناسب “ فيروس كورونا “ لملء السد ؟؟ وكيف سيكون رد مصر والسودان إذا استمرت إثيوبيا في هذا العناد وعدم اكتراثها بالمنتظم الدولي ؟؟ كما أن الخبراء في السياسة والاقتصاد أكدوا قبل عقود أن الحروب المقبلة بين دول العالم ستكون حول مشكل الماء الذي سيقل ويندر بشكل لافت .
طبعا نحن لا نريد أي خلاف بين الدول الإفريقية الثلاث ، بقدر ما نريد بناء إفريقيا قوية ومتحدة ، كما أننا لا نريد أن تنضاف مشاكل أخرى إلى هذه القارة .. ولذلك يجب أن تتدخل دول عربية وإفريقية لحل هذا الإشكال بكل حزم ، وهذا أفضل من أن تتدخل دول القطبيْن المختلفتين في كل شيء ، لأن ذلك لن يزيد المشكل إلا تعقيدا ، كما هو الشأن في العديد من المشاكل والحروب التي لا تبدو أنها ستنتهي قريبا بسبب هذا التجاذب القطبي في التحكم في العالم الصغير .. - اقتصاد عالمي منهار ، والحظ لمن أنهى السباق أولا : “ كورونا “ أجبر دول العالم دخول سباق اقتصادي أكثر مما هو صحي ، فالدول تبدو وكأنها في حلبة سباق لمسافة طويلة ، والدول التي ستسبق إلى خط الوصول هي التي ستستفيد من التعافي من هذا الوباء بصورة أفضل، ثم ستستغل الفرصة لتقوية اقتصادها خاصة في مجال السياحة والطيران والمبادلات التجارية والتسويقية ….
ومن خلال إلقاء نظرة سريعة عن تطور جائحة “كورونا“ في دول العالم كيفما كان اقتصادها قويا أو متوسطا أو دون ذلك ، فإن أكبر متضرر هو الولايات الأمريكية التي سجلت أعلى إصابات الوباء في العالم حيث فاق 2 مليون مُصاب ، والأفظع من ذلك هو أن الإصابات بالفيروس الفتاك لا زال يسجل أرقاما مرتفعة كل يوم تفوق 20 ألف إصابة ، إضافة إلى المظاهرات اليومية التي تشهدها مدنها بسبب مقتل “ جورج فلويد “ الإفريقي الأصل من طرف الشرطة الأمريكية .. فيما تبدو دول أخرى في الجهة الأخرى أصبح شبح “ كورونا “ شبه خالي فيها ، كالصين بالدرجة الأولى ثم مجموعة من الدول الأوروبية كفرنسا وألمانيا والسويد وإسبانيا وهولندا … ، فيما لا زالت بريطانيا وتركيا وروسيا تعيش على آلام ارتفاع المصابين فيها بالفيروس .. كما أن المعاناة تنتقل بشكل أكبر إلى أغلب دول أمريكا اللاتينية كالبرازيل مثلا التي تعاني الأمرَّيْن في هذه الجائحة ، أما إفريقيا فقد نجح كل من تونس والمغرب إضافة إلى الجزائر – نسبيا – في التغلب على داء “ كورونا “ ، فيما لازالت مصر العربية تعاني من ارتفاع نسبة المصابين يوميا ، وفي دول آسيا والخليج العربي تعاني الهند بشكل سيء في ارتفاع الأرقام اليومية ، ثم العربية السعودية وقطر ثم الإمارات العربية لا تزال الإصابات اليومية مرتفعة نوعا ما …
إن هذا الخليط من الأرقام المتناقضة سيجعل خريطة العالم تتغير لا محالة في المجال الاقتصادي والاجتماعي، وما نرجوه حقيقة هو أن يكون في هذا التغيير المرتقب بحول الله تعالى نجاحا للوطن العربي بصفة عامة ، وان تصبح أقوى مما هي عليه الآن .. كما نرجو من الله عز وجل أن يرفع عنا هذا الوباء عاجلا إنه سميع مجيب .. دمتم بود .