بقلم: فريد زمكحل
استوقفني كثيراً الاعتداء الأخير الذي تعرَّض له بعض الأقباط المسيحيين بعد خروجهم من زيارة روحية لدير الأنبا صموئيل على أيادي بعض الجماعات الإسلامية المتطرفة في صعيد مصر .
أقول استوقفني كثيراً ربما لأنه من الحوادث الإرهابية المتكررة في السنوات الأخيرة ضد الأديرة ودور العبادة المسيحية في مصر التي تستهدف الأرواح البريئة من المسيحيين المصريين دون وجود خطة أمنية واضحة لتأمين الزائرين وأديرتهم وكنائسهم من همجية هجمات هذه العصابات المتطرفة التي لا تستهدف الأقباط في الحقيقة بقدر ما تستهدف راس النظام السياسي الحاكم في مصر والدولة المصرية.
والسؤال الجدير بالتأمل والدراسة من الجميع وعلى وجه الخصوص من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية المطالب بتقديم إجابة مُقنعة عنه للرأي العام داخلياً وخارجياً هو :
كيف يمكن لهذه الجماعات التكفيرية المتطرفة القيام بمثل هذه العمليات الإجرامية بدون مساعدة من بعض الجهات الأمنية التي نعلم كما تعلم الدولة بأنها مخترقة منذ الثمانينات وتحديداً منذ اغتيال الرئيس السادات في حادث المنصة الشهير في السادس من أكتوبر عام 1981 ؟
والسؤال الأهم، كيف لا تعمل المخابرات المصرية على كشف هوية هذه القيادات لمحاسبتها عن كل ما تسببت فيه من حوادث قتل للأبرياء سواء عن اهمال او بدون قصد أو بقصد مع سبق الإصرار والترصد لا يستهدف الاقباط فحسب وإنما النظام والدولة ككل؟
ولماذا لم يتم الاستعانة بالقوات المسلحة لتأمين كافة الطرق والممرات المؤدية إلى هذه الأديرة ذهاباً وإياباً مع تمشيط كافة المدن المجاورة لهذه الأديرة للقبض على كل من يشتبه بضلوعه بشكل ما في تقرار مثل هذه الحوادث بدلا من الاستعانة برجال الشرطة الذي تأكد فشلهم الذريع في تحقيق الأمن المنشود؟
نعم نعلم بأن هناك جهود كبيرة تبذلها الدولة بقيادة الرئيس على كافة الأصعدة والمستويات لتصحيح الوضع من كافة جوانبه الأمنية والثقافية والتعليمية والإعلامية والاقتصادية وإن عابها بعض البطء إجرائياً وتنفيذياً وهو الأمر الذي يضع الجميع في مواقف محرجة بدءاً من الرئيس مروراً بالبابا تواضروس وصولا لكافة الأجهزة الرسمية للدولة المُطالبة شعبياً بالقيام بما يجب عليها القيام به دون تردد أو شفقة أو خلافه .
لأن الحدث الأخير أخطر من أن نسكت عنه وأصعب من أن نداويه ببعض كلمات التعازي التي باتت مستهلكة ولا تروى من عطش .. الأمر الذي يضع الدولة أمام خيارين لا ثالث لهما .. إما تحمَّل المسئولية والعمل الجاد على إيجاد الحلول الرادعة لكل هذه الحوادث التي تهدد الأمن والسلم الاجتماعي المصري في مقتل، وإما أن تعلن صراحة عن فشلها في القيام بذلك وتسمح للمواطنين بشراء وترخيص الأسلحة التي من الممكن أن تساعدهم فيما فشلت في توفيره لهم بعض الأجهزة الأمنية ويتعلق بأمنهم وأرواحهم وممتلكاتهم .
أقول هذا حتى تعزز الدولة الاتجاه الأول عن الثاني الذي قد يضطر إليه البعض بموافقة أو دون موافقة الدولة وهنا مكمن الخطر وموضعه الأكيد !
خالص تعازينا القلبية لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي ولقداسة البابا وللشعب المصري بمسلميه ومسيحييه ولجميع أهالي الضحايا الأبرياء الذين سقطوا ويسقطون في كل يوم على أيادي أنصار عصور التخلف والظلام والجاهلية متمنيا أن يكون عزائي هذا هو العزاء الأخير!
حفظ الله مصر وحفظ شعبها.