بقلم: فـريد زمكحل
فاجأني التصريح الخطير للرئيس عبد الفتاح السيسي، أول أمس الأربعاء، في احتفالية عيد الشرطة «بأن حل أزمة الدولار في مصر كفيل بحل كافة مشاكلها الأخرى»، وهو تصريح له مدلوله وإشاراته المفزعة التي تُلمِّح لقرب إعلان إفلاس مصر، خاصة مع التراجع المخيف الذي بلغ ذروته في الأسبوع الماضي لقيمة الجنيه المصري مقابل الدولار في وضعية اقتصادية غير مسبوقة مع بلوغ حجم الديون الخارجية ووصولها إلى ما يقرب من 165 مليار دولار آخر سبتمبر (أيلول) الماضي، وما يترتب عل ذلك من أعباء مالية على الحكومة المصرية لابد من الوفاء بها للجهات الدائنة بقيمة 42 مليار دولار خلال العام الجاري وحده سنة 2024 منه مبلغ بقيمة 6.7 مليار دولار لصندوق النقد الدولي.
أقول فاجأني تصريح الرئيس الذي حمَّل ثورة يناير 2011 كل المسئولية عما وصلت له الأوضاع الاقتصادية والسياسية في مصر واتهامها بأنها المتسببة في خسارة مصر لما قيمته 450 مليار دولار، علاوة على ما تكبدته الدولة من مبالغ بقيمة 120 مليار جنيه للقضاء على الإرهاب.
وبأن نقص السيولة الدولارية لدى البنك المركزي المصري هو ما أعطى الفرصة لزيادة حركة نشاط السوق الموازية خاصة بعد لجوء الكثير من المواطنين للاتجاه للاستثمار في الدولار، كما أدى ذلك الوضع إلى اتجاه معظم المستوردين لتلبية حاجتهم واحتياجاتهم للتعامل المباشر مع السوق الموازية وهو ما أدى في النهاية لوصول الدولار إلى هذه المستويات القياسية غير المسبوقة.
خاصة مع تُجار الذهب وللعاملين في هذا المجال الذين قاموا واتفقوا على تسعير الذهب وفقاً لسعره المطروح في السوق الموازية، وقد زاد الأمر تعقيداً انخفاض إجمالي تحويلات المصريين في الخارج ليصل إلى حوالي 22 مليار دولار في العام المالي المنتهي لأسباب غير معلومة، ربما سعياً لإسقاط النظام الذي فشل في تحقيق الرخاء الاقتصادي والمعيشي المرجو والمنتظر، خاصة للطبقات الكادحة من الشعب المصري وهم الشريحة أو القطاع الأكبر في مصر، هذا بخلاف ما تسببت فيه تداعيات حرب غزة سواء المباشر منها أو غير المباشر وأقصد المشهد المضطرب والملتهب في البحر الأحمر بين الحوثيين و سفن الدول المؤيدة لما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
وكل هذه المشاكل في تقديري لا يمكن للنظام المصري الحالي من مواجهاتها أو التعامل معها وفق سياسات اقتصادية ثبت فشلها ومن أهمها إصرار الدولة على الاستمرار في الاستدانة من الجهات الخارجية رغم علمها التام بعدم قدرتها على السداد للنقص الحاد من النقد الأجنبي، وخاصة الدولار في البنك المركزي، مع بيع أصول الدولة الحيوية ما يزيد من حدة الأزمة وتعقيدها لأنه أفقد المستثمر الأجنبي الثقة الضرورية لمستقبل الاقتصاد المصري مع رؤيته للجوء البعض منهم لتصفية أعمالهم الاستثمارية في مصر ونقلها لبعض دول الخليج العربي ومنهم السعودية والإمارات وقطر مع ارتفاع الضرائب المفروضة على شركاتهم الاستثمارية والتدهور المستمر للوضع الاقتصادي العام للدولة وبالتبعية للمواطن بالإضافة للتكلفة اليومية الباهظة في أسعار كل الخدمات المقدَّمة من جهة الدولة المصرية.
وهذا بعض مما نم عنه التصريح الأخير للرئيس السيسي في احتفالية عيد الشرطة وفي اعتقادي بأنه تصريح يضر أكثر مما يفيد لآنه يُلمح لقرب إعلان النظام المصري عن إفلاس مصر رسمياً!!
مع الإقرار بعدم وجود رؤية واضحة للدولة والحكومة لتفادي وقوع مثل هذا الأمر الجلل .. كان الله في عون مصر وفي عون شعبها.