بقلم: ابراهيم شير
وأنا أتابعُ أخبار الانتخابات الرئاسية السورية سألني أحد الأصدقاء غير السّوريين لماذا وقفت إلى جانب الدولة في بداية الأحداث وحتى الآن ؟ هل أنت مستفيدٌ من النظام الحاكم لذلك تؤيّده؟ ومن سوف تنتخب ؟. هذه الاسئلة دفعتني لأفكر مليًا ماهي أسباب تأيدي للدّولة السورية منذ الـ15 من آذار-مارس عام 2011 حتى اليوم.
مع بداية الحرب على سورية كنت أعيش في السعودية التي كانت متمسكة بالتعاليم الدينية السلفية بشكل كبير وتصنف نفسها على أنّها دولة دينية، وبعد أن رأيت أنّ التظاهرات كان يُدعى لها في بلدي وتخرج من المساجد يوم الجمعة تحديدًا، أحسست بأنّ هذا الحراك خلفيته دينيّة بحتة وليست مدنيّة، وهو ماحملني لأن أقف ضده بدون أي تفكير، وذلك لأنني فهمت وتعلمت من تجربتي الخاصّة وممّا قرأته عن أحداث الثمانينيّات في سورية أو أحداث العشرية الحمراء في الجزائر أو طالبان في أفغانستان، أنّ كل حراك يُبنى على الدين فقط وخصوصًا الافكار السلفية والحديث حوله يكون بنبرة طائفية هو حراك فاشل وسيؤدي بالنّهاية إلى حرب دموية وسيضرب الجميع حتى الذي معه قبل الذين ضده.. وما أكّد يقيني بأنّ هذا الحراك خلفيّته طائفية فقط، كانت تظاهرات يوم الـ21 من آذار – مارس 2011 عندما هتف المتظاهرون علنًا “العلوية للتابوت، والمسيحيّة على بيروت”، هذا الهتاف جعلني أتأكّد أنّ موقفي هو الصحيح، خصوصًا وأنّ جميع السوريين وأنا منهم نتفاخر بالتعدد الديني والطائفي والثقافي في بلدنا.
أمّا السؤال الثاني هل أنا مستفيد من الدّولة السورية، بالتأكيد لا لأنني لو كنت من المستفيدين لما تغرّب والدي إلى الخارج للعمل منذ أن كان في العشرينيات من عمره وحتى الآن، ولكن ما استفدته من الدولة السورية هو شيء روحي أكبر من أن يُكتب وأعمق من أن يُشرح، هو احساس فخر عندما يحمل أي سوري جواز سفره في الخارج، لأنه يشعر بأنّ النّسر الموضوع على جواز سفره هو ضابط يحميه من كل شيء.
لأكون صريحًا أنا سوف انتخبُ الدكتور بشار الأسد ولكن لماذا؟ نسبةٌ كبيرةٌ من الشعب السوري وقفت ضد الحرب المفروضة على البلاد خصوصًا في بدايتها بسبب حبّها للدكتور بشار، فهم مثلي يرون أنّه الشخص المناسب لقيادة سورية نحو التّطور خصوصًا وأنّها في عهده تحوّلت لدولة شبه نامية بعد أن كانت دولة عالم ثالث لعقود سابقة، إضافة إلى أنّه قريبٌ جدًا هو وأفراد أسرته من الشارع السوري وأفراد المجتمع. إضافة إلى أنّ الجميع يرى أنّه الشخص الوحيد القادر على احتواء الأزمات في المجتمع، خصوصًا الفساد الذي أعلن عن خطة كاملة لمحاربته.
الرئيس الأسد وبعيدًا عن العواطف والشعارات اتّخذ خطوات مهمة نحو مستقبل سورية، وأنا هنا لا أنظر إلى الأزمة الحالية وآثارها لأن لكلّ حرب ندوب تتركها في وجه الدّول، فمن ينظر إلى ونستون تشرشل في ظلّ الحرب العالمية الثانية يقول أنه دخل في الصراع العالمي ومن سوف ينتخب حزبه ليبقى في الحكم، ولكن فعلياً تشرشل انتخب وبقي في الحكم وهو من صنع نهضة المملكة المتحدة، والأمثلة كثيرة تضرب على هذا السياق وبالتالي الرئيس الأسد الآن وضع أساس المستقبل لسورية سواء بتحالفات مهمة من الصين شرقًا حتى روسيا غرباً مروراً بإيران ومعظم دول آسيا، وهذا في منطقتنا فقط ناهيك عن التحالفات المهمة مع الدول الافريقية ومعظم دول أميركا الجنوبية وكل هذه التحالفات تم بناءها وسورية في حالة حرب وهو ما يؤكد أن السياسة الخارجية للدولة كانت تسير بطريقها المرسوم لها رغم الحرب وظروفها وصعوبتها.
انتخاب الرئيس الأسد في هذه المرحلة سيساهم بصنع الاستقرار في البلاد فالحنكة السياسية والعسكرية التي يملكها استطاعت أن تساهم في صمود البلاد لعقد من الزمن لذلك وجوده في المرحلة المستقبلية سوف يعزز من المطلب الرئيسي وهو تحرير أراضي البلاد بكل الوسائل المشروعة سواء عسكرياً أو سياسيًا.
الحملة الإعلامية للدول المعارضة لدمشق ضد الانتخابات تؤكد أن هذا الاستحقاق يؤرق هذه الدول، وهذا الاستحقاق لا تقل أهميّته عن الحرب العسكرية لأنّ أعداء سورية يبحثون عن أي مأخذ سياسي أو دستوري ليحاولوا انتزاع الشّرعية عن الدولة السورية، وهذه الانتخابات هدفها هو الحفاظ على المشروعية السياسية والشعبية ومشروعية الأداء السياسي، بعبارة أخرى مشروعية الإجراءات الجذرية التي اتخذها ويتخذها وسيتخذها السيد الرئيس بشار الأسد في مكافحة الفساد ورموزه، وإدارة عملية إعادة إنتاج النظام السياسي وإدارة الأزمة، وبالتالي يُنظر لهذا الاستحقاق على أنّه بوابة من الانفراجات السياسية والعسكرية والاقتصادية التي سوف تفتح على سورية من بعد انتهاء الانتخابات.