بقلم: تيماء الجيوش
I speak feminist. je parle féministe
مبدأي النسوية، هكذا ظهرت العبارة على قميص كريستا فريلاند القطني عبر تويتر خاصٍ بها وفي معرض حديثها عن تقديمها للميزانية الكندية الجديدة. وهذا ليس بالغريب فمنذ أن تولّت فريلاند وزارة المالية في شهر آب/ أغسطس للعام ٢٠٢٠ أعلنت أن لها أجندة نسوية. تبع ذلك ما قالته في يوم المرأة العالمي ٨ آذار ٢٠٢١» يعتمد مستقبل كندا و إزدهارها و قدراتها التنافسية على مقدرة المرأة في المشاركة التامة و المتساوية في القوة العاملة.»
Canada‘s future prosperity and competitiveness depend on the ability of woman to participate equally and fully in our workforce ‘Hon Chrystia Freeland
وتقديم وزيرة المالية الكندية كريستا فريلاند للميزانية الكندية الجديدة أمام مجلس النواب الكندي و بحضور رئيس الوزراء ترودو Hon Justin Trudeau
هو حرفيًا مناسبة استثنائية، فهي ميزانية التعافي الاقتصادي من الوباء كورونا و لكنها أيضاً تُقدّم وللمرة الأولى من قبل إمرأة و هذا ما دعى العديد من النسويات-النسويين الى التضامن و متابع تقديم الميزانية أمام مجلس النواب الكندي من خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي. يعلم تماماً من يعمل بالشأن الاقتصادي و المالي أن وزارة المالية هي من الوزارات الأساسية في أية حكومة -سلطة تنفيذية-وأية بقعة جغرافية من هذا العالم و هي أي وزارة المالية -المعنية أولاً برسم سياسات الدول الاقتصادية و الحال لا يختلف عليه في كندا ، فوزارة المالية الكندية مسؤولة عن الإشراف العام على الاقتصاد الوطني. وما يشمله هذا الإشراف من إعدادٍ للميزانية الفيدرالية السنوية ، تقديم المشورة للحكومة المتعلقة بالمسائل الاقتصادية والمالية ، وسياسة الضرائب والتعريفات ، والتدابير الاجتماعية ، والمسائل الأمنية ، والاستقرار المالي ، و متابعة التزامات كندا الدولية. و بالحديث عن مهام الإشراف على الاقتصاد، فعلم الاقتصاد هو علم اجتماعي ، و عندما تنجح أهداف علماء الاقتصاد و الاقتصاديين في فهم آلية تفاعل المستهلك والمنتج مع الظروف المتغيرة و في هذه الحالة وباء كورونا ، يمكن للاقتصاد أن يوفر توجيهًا قويًا وتأثيرًا في صنع السياسات على المستوى الوطني. بعبارة أخرى هناك نتائج عملية لكيفية تعامل الحكومات مع الضرائب ، والتنظيم ، والإنفاق الحكومي.و يمكن للاقتصاد أن يقدم فهماً و رؤية وتحليلاً أدق و أعمق فيما يتعلق بهذه القرارات.
وما يُميز ميزانية 2021 هو أنها تاريخية من حيث بنودها التي تُعالج ندوب و انكسارات نجمت عن الوباء وانتشاره COVID-19 ، مع أولوياتٍ أبرزها وضع الناس أولاً ، وخلق فرص العمل ، وتنمية الطبقة الوسطى ، ووضع الشركات على مسار النمو طويل الأجل ، والتأكد من أن مستقبل كندا سيكون أكثر صحة ، تقدماً، تطوراً و إزدهاراً.
الميزانية ٢٠٢١لها بنود عدة منها استمرار برامج المساعدة الطارئة في ظل الوباء و ذلك بهدف وصل الكنديين و المشاريع الكندية مع فترة التعافي من الوباء. كما و من بينها و الأقرب للأسر من الطبقة المتوسطة رعاية الطفل ،
فالحكومة ستُكمل ما وعدت به من حيث البرامج الفيدرالية لرعاية الطفل. و بناءً عليه قامت بتخصيص ٣٠ مليار دولار على امتداد السنوات الخمس المقبلة لهذا الأمر و رعاية الأطفال بنسبة ٥٠ بالمائة و العمل على عدم زيادة تكاليف التعليم . و فيما يتعلق بالمرأة فقد قامت الميزانية على مبدأ مساعدة المرأة على العمل و معالجة عدم المساواة وعلى هذا تمّ تقديم الرأي للحكومة الفيدرالية حول إجراءات معينة تُصلح الخلل القائم من حيث عدم المساواة و تأثير الوباء المُضاعف على المرأة .
فنصت على دعم النساء الكنديات وغيرهن من رواد الأعمال الغير ممثلات و اللواتي تواجهن عوائق عند بدء او إطلاق مشاريعهن الاقتصادية من خلال تخصيص 300 مليون دولار لتعزيز مبادرات معينة مثل برنامج ريادة الأعمال السوداء وإستراتيجية ريادة الأعمال الخاصة بالمرأة.
الميزانية جاءت لتقول بتفاصيلها الرقمية أن الاكثر تضرراً من الوباء و نتائجه كنّ النساء اللواتي فقدت أعمالهن و موارد رزقهن جراء الشلل الاقتصادي و المالي.
نحن الكنديون عملياً ما تعنيه لنا و عودٌ على بدء هو رمزية لا يمكن إلا رفع القبعات تحيةً لها. أدركت كندا، المجتمع الكندي و الحكومة الكندية أهمية المساواة بين الجنسين بل وكانت حكومة كندا نسوية منذ العام ٢٠١٥. و ليُطّبق منذ ذاك العام عملياً المسار النسوي للحكومة في تطوير السياسات المحلية و الفيدرالية و البرامج و الميزانيات و جعلها قائمة على المساواة و الجندر.
الحكومة الحالية تُمّثل النساء ٥٠ بالمائة منها. وزيرة المالية اليوم تعكس الوجه الحضاري لكندا. تعكس ما خاضته النساء عبر عقودٍ من الزمن لكثيرٍ من الصعوبات و العوائق و الرفض و كان لنيّلهنْ حقوقهن ثمناً باهظ.
النسوية الليبرالية تستند على أن أعلى أشكال المواطنة هو التمكين الفردي و بالتالي فإن تمتع المرأة بذات الدرجة من التمكين الاقتصادي للرجل سيقوم بتحقيق المساواة التامة بين الرجل و المرأة و إلغاء التمييز و و التهميش.
منذ العام ٢٠١٥ التزم ترودو Hon Justin Trudeau بالنسوية و بتنصيب المرأة في وزارات مهمة و اساسية إبتداءً من وزارة الخارجية وانتهاءً بوزارة المالية . .كان الهدف ولا يزال احترام حقوق المرأة و ليس تقديم الإثبات أن توجهات الحكومة غير خاطئة و الفرق شاسع ما بين الأمرين.
التاريخ يبدأ بخطوة، ليس هذا فحسب بل أن تقف الى الجانب الصحيح من التاريخ فأنت تصنع حضارةً إنسانية تترجم درجة الوعي الاجتماعي. المجتمعات الديمقراطية تعي تماماً أن لا تقدم أو تطور في ظل التمييز و دونية المرأة. تعي هذه المجتمعات أن إحترام الحقوق هو المُحرك الحقيقي و الذي يدفع بالمجتمعات قُدُماً. نحن فخورون بك كندا. نحن فخورون بك كريستا فريلاند.
أسبوع سعيد لكم جميعاً. لجميع الأصدقاء من الطوائف الشرقية الكريمة، فصحٌ مجيد، قيامةٌ مجيدة.