بقلم: كيندة الجيوش
كانت جدتي أم والدتي تركية وتنتمي الي فترة زمنية كان الأتراك فيها حكام للعرب– وان كانت إمبراطوريتهم نشارف على الانتهاء. وكانت ترفض التحدث بالعربية اوً تعلمها وكانت تكتفي ببعض الكلمات المتكسرة المتعثرة للضرورة. وربما كان هناك بعض العنصرية في هذا الامر وربما لاقت العربية صعبة عليها. وأصبح لديها العديد من الأحفاد ممن لا يتحدثون التركية مثل اولادها هي. هؤلاء الأحفاد كانوا يستمتعون باستجرارها وترجيها كي تغني لهم بالعربية. وهي تحسب انهم يحبون صوتها.. ولم تكن تعرف انه خبث الأطفال من اجل ان يستمعوا اليها وهي تجاهد لإخراج الأحرف العربية وتفشل وتتكسر الكلمات وتتعالى قهقة الأطفال واليافعين منهم!
اليوم في كيبيك المقاطعة الفرنسية تواجه بعض الأسر وخاصة الأهل صعوبة في تعلم اللغة الفرنسية — وطبعا ليس كلنا لدينا موهبة تعلم اللغة في منتصف العمر — وكذلك صعوبات الهجرة والحياة والعمل تغير الاولويات. ومن يتحدث الانجليزية ويجد عملا لن يستغل وقت راحته من اجل تعلم الفرنسية. والفرنسية لغة ليست سهلة التعلم كالفرنسية.
ولكن هناك أهل او مهاجرين نجحوا في تعلم الفرنسية من اجل التأقلم مع المجتمع ومن اجل ان يكونوا قادرين على التفاعل والحديث والتفاهم مع اولادهم الذين يتعلمون الفرنسية في المدرسة والشارع والمجتمع. وهنا يكفينا الجهد اوً المحاولة اَي ان الموقف من الامر. فلا نبخس اللغة الفرنسية وجمالها حقها ولكننا نعترف اننا حاولنا ولَم نستطع تعلمها!
الإيجابية مهمة هنا وفِي هذا الامر تحديدا لأننا في مقاطعة فرنسية بالدرجة الأولي وأهلها يفخرون بها رغم محاولات سابقة لإنهائها لصالح اللغة الانجليزية التي هي رئيسية أيضا. ويحب الفرنسيين ان يروا أبناء كيبيك وكندا الجدد من المهاجرين يتحدثون الفرنسية ولا يتعالون على اللغة اوً يستخفون بها بعنصرية. وهناك بعض اخر لا يهتم بالأمر بتاتا. وهناك بعض يستغل الامر ليتعامل مع المهاجرين ممن لا يتحدثون الفرنسية بعنصرية علي انهم اغراب وهو أمر غير مقبول ومرفوض تماماً.
وبغض النظر عن المواقف من هذا الامر فإن اللغة الفرنسية مهمة ويجب ان لا ننسى ان اللغة هي مفتاح ووعاء الثقافة وان استصعب الأهل اللغة الفرنسية فان الأولاد من المهاجرين الجدد سيتحدثونها ويمكن ان يبقى بعض الأهل على الهامش.
ومثال اخر صغير. اختي بتول لديها متلازمة داون سندروم وفهمها واستيعابها هو حوالي اربع سنوات ومفرداتها قليلة. دخلت الى المدرسة المختصة في كيبيك باللغة الفرنسية وأصبحت تستوعب الفرنسية قليلا وبعض الانجليزية.
الْيَوْمَ عندما تطلب مني شيئا وأقول لها «بكرا» باللغة العربية تغضب اوً تتجاهلني وكأني لن آلبي لها ما تريد! وعندما أصبحت أرد عليها بالفرنسية بكلمة «demain « وترجمتها «غدا» فإنها تهدأ وتؤمن باني سأنفذ ما وعدتها به!!!
اللغة مفتاح الثقافة .. اللغة مفتاح اولادنا