بقلم: رفاه السعد
حُرقت صناديق الاقتراع ليحترق معها تزوير اصوات العراقيين الذين اصطفوا طوابير يوم الثاني عشر من مايو الماضي ليصوتوا في انتخابات اتسمت بالتزوير والفساد وشراء الأصوات… فلم تكتف الاحزاب والكتل بالتزوير والسرقة بل حرقتها لتحرق معها املا كان ينتظره العراقيون حتى ولو كان ضئيلا لكنهم كانوا يحلمون بمن يأتيهم على حصان أبيض ويقدم لهم ابسط الحقوق كالكهرباء مثلا التي حرموا منها لسنوات فهم يعيشون في بلد تصل درجة حرارته الخمسين درجة مئوية ..
الدفاع المدني ورجاء الاطفال هرعوا لإطفاء الحريق وبالفعل تمت السيطرة عليه وتم اخراج عدد كبير من صناديق الاقتراع التي كانت محفوظة في مخازن تابعة لوزارة التجارة فيما الانباء تضاربت حول حرق اوراق الاقتراع او وصول الحريق اليها واختلفت تصريحات المسئولين فمنهم من اكد حرقها ومنهم من نفى وأخر من قال لم تُحرق الاوراق المهمة..فهل في الصناديق أوراق مهمة وأخرى غير مهمة!!!
بعد الحريق جاءت الدعوات لإعادة الانتخابات وملاحقة المخربين والفاسدين ..»من سيلاحق من» ..اذا كانت مفوضية الانتخابات ذاتها كلها فساد في فساد وتم شراء ذمتهم بكل سهولة وتحولت عملية العد وفرز الاصوات الى مجلس القضاء الاعلى..ليكون المشرف الاول عليها فيما طالب مرشحون بمقارنة النتائج مع العد والفرز لكشف الحقائق.. وبدوره طالب نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي باستفتاء شعبي لتحديد مصير الانتخابات تصريح قوبل بردود فعل شعبية غاضبة.. فالعراقيون اعتبروا ما حدث لعبة سياسية وضحك على الذقون فأي استفتاء شعبي تتحدثون عنه… ملايين العراقيين توجهوا إلى صناديق الاقتراع وقدموا صوتهم للإصلاح والتغيير لعله يغير الظروف ويستبدل الوجوه..لكن امالهم باءت بالفشل فمنذ حوالي شهر على اعلان نتائج الانتخابات وحتى الان لم نسمع سوى تراشق واتهامات بالتزوير وشراء الاصوات والتلاعب واجتماعات يومية بين الكتل والأحزاب التي لم تتوصل الى نتيجة بسبب عدم الاتفاق على تقسيم الكعكة…
مئة مليون دولار خسرها العراق في يوم الثاني عشر من مايو الماضي في صفقة شراء اجهزة العد والفرز الالكتروني التي فشل في منع التزوير بل وتعطلت في يوم الاقتراع ..ليس هذا فحسب هناك تكلفة اخرى للعد والفرز اليدوي قُدرت بأربعين مليار دينار عراقي بواقع عمل قد يستمر تسعين يوما بحسب ما اعلنه النائب هيثم الجبوري ..عملية الحرق جاءت قبل يوم من استدعاء مجلس القضاء الاعلى لعدد من رؤساء المحاكم في محافظات مختلفة لتسميتهم كرؤساء فروع لمفوضية الانتخابات ..فالقضاء فرض وصايته على المفوضية ومنع اعضاءها من السفر بعد ثبوت التلاعب والتزوير بمشاركة عدد من اعضاء المفوضية..
حتى اللحظة ورغم اتخاذ خطوة العد والفرز التي نجح البرلمان في التصويت عليها لا احد يبدو قادرا على تحديد الطريق الذي سيسلكه العراق ..
فنتائج الانتخابات بعد العد والفرز هي ليست نهاية المطاف بل بداية ازمة جديدة ستختلف عليها الكتل والأحزاب فالفائزون يحذرون من التلاعب بأصواتهم والخاسرون يبحثون عن المزيد للعودة من جديد والتربع على العرش..
ثم تأتي أزمة الفراغ الدستوري والتي ستبدأ في الثلاثين من حزيران يونيو الحالي وهو عمر انتهاء البرلمان وهذا الفراغ قادم لا محالة.. فبعد عملية العد والفرز اليدوي تأتي فترة الطعونات مرورا بالمصادقة التي ستتطلب مدة لا تقل عن الشهرين!!! رؤية ضبابية للأوضاع القادمة في العراق فالتزوير قام بضربته الأولى ثم الحريق اكمل الصفعة وأشعل الأزمة…