بقلم: كلودين كرمة
هما امران متلازمان لايمكن ان نري احداهما بدون الاخر ولكن اى نوع من الحب يلاحقه اى درجة من الاهتمام…؟
فللحب اوجه كثيرةاعتقد ان لا يمكننا حصرها،ومنه ايضا مراتب كتيرة بعضها يستحق الاهتمام والدراسة والبعض الاخر لا يجب ان يلتفت اليه لان عاقبته الالم والدمار…
وعلى سبيل المثال لا الحصر فهناك حب فطرى بين الانسان والطبيعة
فنجده يعشق زقزقة العصافير ولون السماء وهدير المياة والوان الورود وشموخ النخيل وقوة الامواج وضوء القمر واشعة الشمس التى تشع البهجة وتعطى املا متجددا ببداية يوم جديد يمكن فيه للانسان ان يحقق املا وان يصحح خطأ ويزرع حبا فيحصد تقديرا وهتماما.
وهناك ايضا الحب العجيب بين الانسان والحيوان فلا يستطيع احداهما مفارقة الاخر لما يتبادلنه من مشاعر صادقة من النادر ان تتوافر مع بنى جنسه..فنجد الحيوان الاليف هو الذ ى يسرع بالترحاب بصاحبه قبل اهل بيته ويجلس ملتصقا به ويشعر به اذا اطضربت انفاسه ويلاحظه جيدا محدقا فى عينيه حتى يفهم ويحقق له ما يبتغيه ويحزن لمرضه ولا يفارقه بل يرفض الطعام ويحتمل العطش تأثرا بحزنه. فياله من تعاطف وتفاهم واهتمام رغم عدم وجود اى تشابه فى النوع او اللغة او وجود ميثاق لتنظيم الحياة بينهما فهناك تفاهم ووفاء دون شروط او اغراض.
ولكن ايضا يجب علينا ان نلاحظ ان هذان النوعان السابقان من الحب يلازمهما ايضا الاهتمام والعناية والرعاية فلابد ان يرعى الانسان الطبيعة حتى تبهجه وان يهتم بالحالة الصحية لحيوانه المفضل حتى يلاقاه دائما مفعم بالنشاط والحيوية.
اما اذا ارادنا ان نتحدث عن نوع الحب الاكثر تعقيدا والذى تدور حوله الاقاويل واحتار فى وصفه الشعراء وفى تحليله الاطباء..فلنتحدث عن الحب بين الافراد…فهو فى حقيقة الامر غامض بقدر وضوحه ومر بقدر حلاوته ومؤلم بقدر سعادته وخادع برغم صدقه…
والدليل على هذا اننا نرى مجموعة من الاصدقاء لا يفترقون ومتعاهدون على الحفاظ على المعانى السامية للصداقة من مساندة ودعم ومواجهة المواقف الصعبة ..ولكن يمكن فى لحظة ان تهدم مثل هذه العلاقة الوطيدة بسبب سؤ الظن او تعارض المصالح او اغتنام الفرص وتتحول الصداقة الى عدواة ويتحول الصديق الصدوق الى انسان ماكر ينبغى ان نتوخى الحذر منه.
وكذلك علاقات المودة والتعاطف التراحم بين البشر عموما والتى هى ايضا شكل من اشكال الحب لما يلازمها من اهتمام ومشاعر يمكن ان تكون سببا مباشرا فى ان يحيا الانسان حياة سعيده هادئة اذا كان هذا الانسان يستطيع ان يلاحظ الامور بدقة و يسلك بحذر وفطنه ولا يسهب اويقطب فى التعبير عما بداخله من عاطفة حتى لا تتحول معطيات الفرح والاستقرار الى مصدر مباشر لقلب الموازين وسحق القلوب وقتل الحب وانعدام الثقةوبئس المصير…
“فحكيم القلب يدعى فهيما” فالقول فى محله بلسم ودواء والالفاظ المنتقاه تحمى من السقوط و”الجواب اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيج السخط” فالكلام هو التعبير عما يجول بالخواطر ،ونظرة العين تفضح ما بداخلك وهما وسيلتين لشن الهجوم او لنشر السلام..بهما نعبر بوضوح عن الحب او البغض..فلك الحرية اما ان تختر جنة الوصال او جحيم الانفصال..
الحب هو محور الحياة هو نقطة الارتكاز وحجر الاساس فبدونه تنتطمس معالم الانسانية وتمحى السعادة وترحل بلا عوده فرحة القلب وبهجة العيون فتتجمد المشاعر وييبس القلب ويتوقف العقل عن استقبال كل ما هو رائع وبديع..
فلنسعى ونجتهد ان نهتم ونحب او ان نحب فنهتم ؛ المهم ان نسعى الى نشر عبير السعادة والامل فنبهج القلوب ونرسم البهجة على الوجوه الحزينة ونكون سبب فى ان تعلو اصوات الضحكات ترن كالاجراس فتبعث فى النفوس الحياة فتظهر فى الافق اقواس تجذب اليها الانظار وتسعى الى ادراكها فتنتصر على الاحزان وتتخطى العقابات وتتنطلق نحوها مفعمة بالحماسة والثقة بانها تسطيع برغم ما اصابها من سهام المقدرات ان تسعى دائما وبدون توقف لبناء “الحياة الافضل.”