بقلم: هيثم السباعي
إستكملنا في العدد السابق الحديث عن طبيعة العقل العربية ونبدأ اليوم بالحديث عن فترة ظهور الإسلام ومابعده، إعتباراً من زمن الخلافة الراشده. .
٣-١. الخلافة الراشده:
أهم مايميزها:
● شدد أبو بكر وعمر في اجتماع سقيفة بني ساعده على أن تبقى القيادة في قريش أكبر القبائل وأقواها ، وربما كانا يستشعران المصاعب الآتية إذ ارتدت قبائل الجزيرة بأكملها تقريبا ما عدا قريش وطرحا على الأنصار شعارا عنوانه (منا الأمراء ومنكم الوزراء).
● أوصى أبو بكر لعمر بن الخطاب بالخلافة بعده وبايعه علي الذي يعتقد بأحقيته للخلافة وعين نائبا لعمر الذي تم في عهده فتح العراق وفارس وسوريه ومصر.
● كان عمر شديد التأكيد على علو السلطة السياسية على السلطة العسكريه. وقد عزل خالد بن الوليد القائد المبرز الذي لم يهزم، لأنه خشي أن (تفتن به الجند) وحال دهاء معاويه دون عزله مرارا بسبب عدم الاستقرار على الحدود مع بيزنطه.
● اختارت الهيئة الانتخابية عثمان بن عفان ومرة أخرى قبل علي بهذا القرار وتعاون معه. استمرت الفتوحات في عهده وازداد المسلمون غنى. ومع تقدمه بالسن وقع تحت تأثير مروان بن الحكم الذي كان المسير الفعلي للخلافة وضعفت السلطه المركزيه ونشأت مراكز قوى في عواصم الأقاليم اغتنت على حساب بقية طبقات المجتمع أدت الى الإنقلاب عليه واغتياله من قبل جند مصر.
الخلاصه:
● ثلاثه من أربعة خلفاء قتلوا غيلة. عمر قتله فيروز النهاوندي (أبو لؤلؤه) لأسباب شخصيه. عثمان قتله جنود مصر (ما يمكن اعتباره أول انقلاب عسكري في الاسلام) وعلي قتله الخارجي ابن ملجم لقبوله التحكيم في معركة صفين والذي كان في الحقيقه خدعه.
● لم يحاول أيا من الخلفاء الراشدين ان يجعل النظام وراثيا.
● استلم علي بن أبي طالب الحكم وحاول العودة بالمجتمع الإسلامي إلى فترة التقشف والتمسك بالدين التي كانت سائدة في عهد عمر، وقام بعزل كل الولاة الذين كانوا في عهد عثمان ما عدا أبو موسى الاشعري أمير الكوفة . فاستجابوا جميعا إلا معاوية عصى ورفض المثول وطالب بدم الخليفة المقتول .
٣-٢. العصر الأموي:
● استلم معاويه الحكم بعد إعلان عصيانه على الخليفة المنتخب . أي أن شرعيته مبنية على قوة السلاح وليس على توافق أكثرية المسلمين على اختياره بدون إكراه. وقد رأينا أن علياً رفض استعمال هذا الأسلوب في استلام الحكم لأنه مخالف لتعاليم الإسلام.
● تصرف في بيت مال المسلمين كأنه ماله الخاص خارجاً عن الأطر الشرعية.
● جعل الخلافة وراثية.
● شجع العصبية القبلية واعتمدها وسيلة لتثبيت حكمه، مهدما بذلك الجهد السياسي الذي أنفقه الرسول (صلعم) وخلفاؤه الراشدين رضوان الله عليهم في محاربتها واعتماد فكرة الأمة الإسلامية بدلاً عنها. هذا الخلاف القيسي اليماني سنجد جذوره تمتد عبر التاريخ حتى أيامنا هذه، عندما يكون القائد يمانيا فإن القيسية لا تتعاون معه والعكس صحيح وسيكون من أحد أهم الأسباب التي ستقضي على الإمبراطورية العربية .
● قام فقهاء السلطان الذين اشترى معاوية فتاويهم بالمال بإعطاء الطابع الشرعي لهذه التصرفات. وقد وضعت الكثير من الأحاديث المنسوبة الى الرسول (صلعم) في هذه الفترة.
● بدأت مظاهر عسكرة الأنظمه في العصر الأموي من خلال الصلاحيات الواسعه التي منحت لعمالهم في مختلف الأمصار.
● لم تعد الفتوحات بعد الآن غايتها الدفاع عن الدين أو نشره. إنما أصبحت حروبا غايتها الفتح والكسب أو كما حصل في حصار القسطنطينية غايتها تسجيل مكسب سياسي.
● جمد عمر بن عبدالعزيز الخلافات القبلية التي كانت تسير السياسة في العهود الماضية خلال ولايته.
● إنقسم العالم الإسلامي إالى فريقين متحاربين في فترة المواجهة بين علي ومعاوية وفقدت الأمة القدرة على انتخاب خليفة في أجواء الحرب ما دفع علياً لتسمية إبنه الحسن ليترأس حزبه الذي تمزقه الخلافات. وكان الإيمان قد خف لدى المسلمين بعد مرور ثلاثين عاما على وفاة الرسول (صلعم.) وبات قسم منهم راغباً في التمتع بالخيرات التي جلبها الفتح.
● تعتبر هذه الحرب الأهلية نتيجة طبيعية للروح القبلية التي أصبحت الآن أساس شرعية الملك . تنقسم القبائل العربية التي استقرت في بلاد الشام مع الفتح الإسلامي إلي قسمين رئيسيين : القيسية وقد استقرت في شمال بلاد الشام واليمانية وقد استقرت في جنوبه . ميسون الكلبية أم يزيد كانت من القبائل اليمانية وقد استفادت هذه القبائل من قربها من السلطة فقويت على حساب القبائل الأخرى . بعد موت يزيد بايعت القيسية عبد الله بن الزبير بالخلافة كما بايعته أكثر الأمصار الإسلامية . أما القبائل اليمانية فكانت تريد أن يبقى الحكم في صلب يزيد حفاظاً على مكاسبها.