بقلم: كلودين كرمة
اصبح الخوف ظاهرة قوية ومسيطرة يثير الفزع ويكثر الشكوك ويقضى على ماتبقى من الطاقة الإيجابية التى نسعى بكل ما اوتينا من قوة أن لا نفرط بها تحت أى ظرف ؛ وإلا سينتهى بنا المطاف إلى الإنزواء فى زاوية مظلمة تعيسة تستنزف منا كل ماهو نافع وصالح فنصير بلا فائدة ، بؤساء وقد اصابنا الوهن وخيبة الأمل ننتظر نهايتنا بل نتمناها إذ سلبت منا إرادتنا وأحبطنا ولم يعد لنا أى قدرة للتحدى والتغلب على المصاعب والمصائب لمواصلة الحياة البائسة.
فهناك اخبار عن حروب ومؤامرات واوبئة وأعاصير وويلات تضرب البشر وتنصب عليهم دون أى مبرر او منطق ، سوى أن الفساد قد زاد وسيطرت روح الشر على الروح الإنسانية فصبغتها بالسواد والغباء وقيدت العقول وعصبت العيون حتى تنساق إلى طريق الهاوية الأعظم ؛ وانقسم البشر إلى ثلاثة اقسام : ضعفاء لا حول لهم ولا قوة ، صالحين لا يقون على تغير الواقع الاليم ، وأشرار مسيطرين لا يفلت من ماكائدهم كائن من كان.. وإن قلنا إنه منذ تكوين العالم هناك تواجد لهذه الفئات الثلاث ، وإن أكد لنا العلم أن الكوارث الطبيعية هى ملازمة لبعض التغيرات والتقلبات فى الطبيعة وهذه حقيقة لا يمكن لنا أن ننكرها ولكن المختلف فى هذا الزمان الحزين الذى قدر لنا أن نحيا أيامه ، إنا نرى ايضا التقلبات فى النفس الإنسانية لقد تفشت الأنانية وذادت الكراهية فلم يعد أحد يهتم بامر الأخر أنه أصبح يعتقد أن نجاحه مبنى على فشل المحيطين ، وإنتصاره يستلزم هزيمة الآخرين، وهذا إن دل فأنه يدل على فقدان الثقة بالنفس و الإفتقار إلى القوة الذهنية والفكرية ، دليل عن العجز عن التفكير المنطقى وإستبعاداً للنظريات العلمية ؛ بل إنه نوع من اللامبالاه والشرود الذهنى والتقاعص عن العمل الجاد واحترام المواثيق .
أصبح هناك اتجاه ساند لهدم الهمم و إثارة القلق والرعب والهيمنة الممنهجة على العقول وبالتالى فرض السطوة الثقافية والإقتصادية والسياسية . ومما يجعل الخوف يتسرب إلى داخل كل بيت ويتغلل فى أعماق كل نفس ، هى كثرة الغيوم المحملة بالهموم والمشاكل الإقتصادية والأوبئة والأمراض المزمنة والتى تفترس الإنسان وتقضى على كل أمل له فى الحياة إذ يفقد القدرة على العمل بكفاءة مما يفقده السعادة الحقيقية إذ أن الإنسان بطبيعته يجد سعادته فى نجاحه وإنجازاته و قدرته على التحدى و الإبتكار.
واذ بحثنا عن اسباب التردد والعجز عن إتخاذ القرار السليم فى الوقت المحدد فإننا نجد أيضا إنه الخوف ، ففى الحقيقة هو المسبب لمعظم الأمراض النفسية والعصبية ، فالطفل والشاب والإنسان الناضج كلٌ له مخاوفه وما يقلق بشأنه و إن إستمر هذا التوتر على مدى أيام طويلة فإن يذهب براحة البال بعيدا ويسرق النوم من الجفون مما يضطر الإنسان إلى العلاج بالمهدئات بعد أن تبؤ محاولته بالسيطرة على حاله بالفشل .. إن المفكرين والأطباء والفلاسفة يحللون المواقف ويوصفون العلاج وينصحون بالبعد عن المسببات .. ولكن هل هناك من يستطيع أن يمنح السلام والطمأنينة بإزالة الأسباب أو بالمساندة وطرح الحلول العملية والتى يمكن أن يستوعبها العامة على مختلف مستوياتهم العلمية والإجتماعية .. هل هناك حقيقة من يكترث للأمر ؟ لا أظن ، بدليل ما نراه ونسمع به من أزمات عدة تطيح بمجتمعات بأسرها مما يضر بمستقبل الأجيال المستقبلية إذ لا يمكنهم تصحيح الأوضاع الحاية فينشأون فى أجواء عدم الإستقرار النفسى والعاطفى و تضارب الأفكار وصراع بين القيم ، والمفاضلة بين الإلتزام والتسيب من حيث سهولة الوصول الى غايتهم ؛ فنرى إنهيار كامل لجيل كان من المترض أن يكمل مسيرة الأجداد بكل جدية وأن يأخد على عاتقه الإنتقال إلى مرحلة متقدمة يدعمها التطور والتحديث.. ولكن للأسف قد إختلطت العاطل والباطل والروئية أصبحت مشوشة ، وكيف تدوس أقدامنا طريق ليس له معالم ترتعش فوقه الأبدان ولا ندرى إلى أين يقودنا ، فكل شئ أصبح مبهما و الكفاح لأ يأتى بثماره المنشودة إذ إنقلبت الأعمدة وتساوى الجهل والعلم و والحسن والسئ والغالى و الرخيص ..فلم يعد هناك خطوط محددة ومستقيمة بل أصبحت معوجة ويميل كل إلى طريقه . فيالنا من تعساء إذ لم يكن هناك مصلحين يهتمون لأمر الإنسان ويخططون من أجل اسعاده ويعملون من أجل أن تستقيم الأمور .. ويؤسفنى حقيقة مأ آراه من ألم ودموع فى عيون الأطفال و الهم والشجن التى تنم عنه ملامح الكبار والتى نسميها أحيانا بعلامات الزمن .. وهذه العلامات هى إثبات لفشل من يدعون الإدارة و الرياسة .