بقلم: كلودين كرمة
هما ما يحتاج اليهما المرئ فى مختلف مراحل حياته منذ نعومة اظافره حتى نهاية الايام..لان بهما فقط يطمئن قلبه وتسعد نفسه وينبض قلبه وتتحرك مشاعره فيشعر بأنه محبوب وعندما يمتلئ كيانه بالمشاعر الفياضة فيبدأ فى إظهارها نهو احبائه اولا ومن ثم حول المحيطين به. فإن ما يكتنزه فى قلبه الصغير يستطيع ان يشفى جراح من حوله وان يروي بدوره هو ايضا قلوبهم العطشانة الى الحب ونفوسهم المحتاجة الى الاهتمام والشعور بالرضى حتى يرشد افكارهم ويضعها فى مسارها الصحيح فتتحسن احوالهم وتتغير نظراتهم ويشع منها الفرح الذى ينير حياة المحيطين بهم..فنرى ان الحب هو سلوك اختيارى ولكن يلزم وجوده لبناء اسرة سعيدة لديها اصرار على النجاح والطاقة اللازمة لمواجهة المصاعب والتغلب عليها والشجاعة التى تستطيع ان تقهر كل السلبيات دون اللجوء الى اى من انواع العنف..
فالحب عندما يولد لا نستطيع انكاره اذ يظهر دون حساب ودون قصد وايضا دون ترتيب مسبق فهو كالمياه التى تفيض من نبع حلو فيروي كل العطشى دون تفرقة او تمييز.. وخير دليل على ذلك هو التضحية بالوقت او الراحة او المال وتفضيل الاخر والرغبة الصادقة ان اجعل من حولى فى احسن حال قدر المستطاع ولا ادير ظهرى او اتظاهر بالتغافل او الانشغال..فالكلمة الحلوة لقلب موجوع خير والابتسامة من قلب صافى لإنسان بائس هى الحب بعينه ..فالعمل على اسعاد الغير والاعتناء بالآخر هو الدليل على القلب الطيب الذى لا يعرف إلا ان يحب ويعطى ..فالأفعال واجبة لإظهار عظمة الانسان فالإنسان ليس عظمته فى اختراعاته وتفوقه العلمى فقط وألا نكون قد تغافلنا عما يجعله انسان فى المقام الاول فان الانجازات دون اخلاق ودون مشاعر تكون اقرب الى قنبلة موقوته ..لابد ان يكون هناك قيم ومبادئ ثابتة لعقل مفكر ومدبر لشخص مبتكر وإلا سوف لا يهتم البته اذ كان ما ينجزه للمنفعة او للضرر..اذ اهتم فقط بنفسه ومكسبه وشهرته..
ويزداد الشعور بالاحتياج للحب والرعاية والاهتمام عندما يكون الانسان ضعيفا لأى سبب..وقوعه فى محنة مثلا او عند اصابته بمرض عضال وتجربة حب لم تكلل بالنجاح و عند الأزمات المادية ..ولهذه الاسباب وفى هذه الاوقات يكون اظهار الحب واجب بين الاهل و الاصدقاء والمعارف لهذا خلق الانسان حتى يتعامل مع الشخصيات المختلفة وفى الظروف الصعبة حتى يثبت انسانيته وانه يستحق الحياة ويثبت وجوده بان يظهر قدرته على تغيير الواقع الاليم ومسح كل دمعة حزن وحسرة وتهوين الالام ..فالإنسانية فى معناها الواسع هى الرأفة والتعاون بين الانسان واخيه والعمل على البناء والتطور لتحقيق مستقبل يدل على الذكاء والقدرة الحقيقة على الابداع لمجتمع مستنير يحب الحياة فيبنيها ويزينها ولا يحول الجمال فيها الى قبح ويقضى على الحياة بالموت ويحط من شأن كل ما هو سامي وغالى …ان مثل هذه النفوس المريضة ضائعة افتقدت الحب والعناية والاهتمام فتجمدت مشاعرها و اذا نظرت في عيونها لا تجد الا نظرة حادة لا ترى ولا تعى ولا تفهم فتتساوى لديها كل الامور لا تفرح ولاتحزن ولا تتفاعل فهم اجساد بدون روح تتحرك دون مشاعر فيمدون ايديهم بالأذى دون رحمة ودون تقدير لعواقب الامور ..ليكفنا الله سبحانه وتعالى شرورهم ويلهمنا الصبر والتعزية فيمن نفقدهم ويفقدهم الوطن فهم رغم غيابهم عن عالمنا هم سر حياته وضمان مستقبله.