بقلم : خالد بنيصغي
من المعروف عند كل الدول وبدون استثناء أن الاتحاد الدولي لكرة القدم “ فيفا “يمنع منعاً تامّاً أن تتدخل الحكومات في الشأن الرياضي ، بل تريد أن تفصل الرياضة عن السياسة بشكل قاطع ، بل وتعاقب على ذلك أيضا عقاباً قاسياً ، مثلما حدث مثلا مع الاتحاد الكويتي لكرة القدم والذي فرض عليه “ الفيفا “ الإيقاف عن أي مشاركة خارجية منذ أكتوبر 2015 ، بسبب مزاعم التدخل الحكومي في اللعبة ألى غاية الأسبوع الأول من شهر ديسمبر 2017 ( أي لأزيد من سنتيْن ).
لكن وللأسف الشديد يخرج مؤخرا “ مرتضى منصور “ بتصريح غريب ومخالف لما هو جاري به العمل في قوانين “ الفيفا “ حيث قال : “ لن أخوض مباراة السوبر في قطر لو نزلت السماء إلى الأرض، كيف أخوض مباراة السوبر في دولة تُثير القلق في كل الوطن العربي، أنا مستعد أن أخوض هذه المباراة في ملعب الترجي ووسط جماهيره لكن لن أخوض المباراة في قطر” وكان المكتب التنفيذي بالاتحاد الإفريقي لكرة القدم قد قرّر إقامة مباراة السوبر بين الترجي بطل دوري الأبطال وبين الزمالك بطل الكونفدرالية يوم 14 فبراير 2020 في العاصمة القطرية الدوحة .
وبهذا التصريح العبثي لرئيس الزمالك يكون قد ضمَّن إشارات سياسية لا علاقة لها بالرياضة عامة وكرة القدم بشكل خاص ، ونرى أن السيد “ مرتضى منصور” الذي يعيش انفعالا مستمرا في حياته الرياضية دائما – نرى – أنه ارتكب عدة أخطاء قانونية ومنهجية وتقديرية ، نوردها على الشكل التالي :
- السعودية المعني الأول بالقطيعة السياسية مع قطر لم تقرر عدم إجراء لقائها برسم بطولة آسيا 2019 ، وقطر بدورها رحلت إلى السعودية وأجرت المباراة التي انتصرت فيها ( 2 – 0 ) دون أي حرج من المنتخبيْن ، بل بالعكس قد تُقَرِّبُ الرياضة بينهما أكثر مما فرقت به السياسة ، والسعودية أيضا إلى جانب الإمارات يشاركان رغم المشاكل السياسية والقطيعة في كأس الخليج العربي 2019 المقام حاليا بقطر ، والتي انطلقت هذا الأسبوع ؟؟ وأعتقد أن هذا المثال ينبض بالحيوية والمنطق ليوصل رسالة قوية لرئيس الزمالك عن تخبطه في أمور اختلاف هذين البلديِن واللذيْن من المفروض أنهما سيتصالحان مستقبلا إن شاء الله تعالى ، والتاريخ ولو أنه يسجل سوء العلاقات بين الإخوة العرب ولكن في النهاية يسجل أيضا عودة المياه إلى مجاريها بفضل الله تعالى .
- كلنا يدرك أن كأس العالم 2022 سيكون بدولة قطر ، ودولة مصر مؤهلة حاليا لدور المجموعات التي ستجرى قرعتها في منتصف يناير المقبل بإذن الله ، فهل مصر الحضارة والتاريخ ومكانتها في إفريقيا والعالم وتصدرها للمنتخبات الإفريقية بعدد بطولاتها – أقول – هل ستعتذر عن المشاركة في حال تأهلها للنهائيات التي ستقام بقطر ؟؟ مصر تدرك الآن هذا الأمر فإن كانت ستفعل ذلك مستقبلا – وهذا شبه مستحيل من دولة بهبة ورصانة مصر – فلتفعله الآن وتعلن انسحابها من البطولة قبل بداية دور المجموعات ؟؟ هل هذا يصح ؟؟ طبعا جمهورية مصر العربية أكبر من أن تنزل إلى هذا المستوى الذي لا يليق بسمعتها ومكانتها في العالم .. ونفس الشيء ينطبق على فريق الزمالك الذي كان يعرف من قبل أن المباراة بين بطل إفريقيا وبطل الكنفدرالية ستلعب في قطر، وقد أعلن عن ذلك قبل عام تقريبا ، حيث كلنا يعلم أن قطر اشترت حقوق استقبال لقاءات السوبر الإفريقية لسنتيْن ( العام الماضي وهذا العام ) وربما هناك اتفاق حتى في السنة القادمة إن شاء الله حيث تريد قطر تجريب واختبار قدرتها على التنظيم قبل حلول كأس العالم 2022 الذي سيجرى على أرضها إن شاء الله .
تبقى الإشارة إلى أن رئيس الزمالك المصري إذا استمر في تعنته هذا ، فإنه سيفتح باب المفاجآت غير السارة ، أولها سحب درع البطولة من الفريق واعتبار الوصيف نهضة بركان المغربي فائزا بكأس الكنفدرالية الإفريقية ليلعب السوبر كوب في 14 فبراير أمام الترجي التونسي ، فالاتحاد الإفريقي أمضى عقدا مع قطر لإجراء هذه المباراة على أرضه ، وقطر دفعت من أجل ذلك أموالا باهظة ، ثانيا سيتعرض فريق الزمالك لعقوبة إفريقية يزكيها بكل تأكيد جهاز الفيفا الذي يرفض تداخل الرياضة بالسياسة في مثل هذا المشهد ، عقوبة الكاف ستكون قاسية بمنع الزمالك من المشاركات الإفريقية لمدة لا تقل عن ثلاث أربع سنوات ، وهو ما سيؤدي إلى إقبار فريق عالمي قوي ( الزمالك ) لمدة ليست بالقصيرة مع العلم أن الفريق الزملكاوي ليس مِلْكاً للسيد مرتضى منصور وحده ، بل هو ملك لكل جماهير الفريق بمصر وخارجها خاصة بالدول العربية ، لذلك ليس من حق رئيس النادي أن يتخذ مثل هذه القرارات بمفرده ، بدون ولو القليل من الديمقراطية ، فقط بسبب انفعالاته الزائدة دائما عن المألوف ؟؟؟
وقبل أن أختم أرجو أن تصل هذه الرسالة لرئيس الزمالك عساه يفكر في مصلحة الفريق التي لا تضر بأي حال من الأحوال دولة مصر الشقيقة ، بل غياب مصر عن التظاهرات والمنافسات القارية والعالمية هو الذي سيضرها – لا قدر الله – أيضا أرجو أن ينتبه السيد مرتضى منصور لتصرفاته وتصريحاته التي تثير الشفقة أكثر مما تثير التحليل أو الرد ، فقبل يوميْن فقط توعد اللاعبين في الفريق لأنهم فقط انهزموا أمام إنبي المصري في البطولة الوطنية ؟؟ وهذه ليست المرة الأولى ، بل تتكرر هذه التصريحات والتصرفات عند كل هزيمة أو تعثر ؟؟ لا يمكن لأي لاعب أن يبدع ويلعب جيدا في ظل الوعيد والخوف أبدا .. مصر في قلوبنا دائما ، وأهلها يدركون ذلك ويتصرفون بكل عقل وحب ومتانة ، إلا من بعض الاستثناءات التي تحدثنا على واحدة منها في شخص رئيس فريق الزمالك المثير للجدل والمشاكل هداه الله تعالى لكل خير .