بقلم: سليم خليل
في أحاديث سابقة في هذه الزاوية حول تعامل الحكومات مع جرائم المخدرات وكيف كان عام 2015 عام إعادة الحسابات بالنسبة لجرائم التعامل والتوزيع والإستعمال بعد فشل كافة الإجراءات المتخذة لإيقاف التعامل في معظم الدول وفي طليعتهم الولايات المتحدة حيث تحدث الرئيس باراك أوباما عن السجون والأحكام الجائرة والمبالغ بها والظالمة التي تعود في النهاية لصالح الشركات التي تدير السجون وتقدم كافة الخدمات من غذاء وألبسة ومراقبة إلخ .
نتيجة زيارة أحد السجون للرئيس أوباما وهي أول زيارة سجن لرئيس في تاريخ الولايات المتحدة حيث أعلن عن إستيائه للوضع المأساوي ؛ أمر الرئيس بتخفيف مدة السجن لتلك الجرائم وسيتم الإفراج عن ستة آلاف سجين سجنوا بجرائم تابعة للمخدرات .
إنها ثورة حقيقية في الولايات المتحدة حول تعامل القضاء مع جرائم المخدرات وغيرها؛ سيعاد النظر في أحكام ما يقارب خمسين الف سجينا وستخفف فترة سجنهم فورا بمدة سنتين، حسب الإحصاءات تشكل غالبية هؤلاء السجناء من الأميركيين من أصول أميركا الجنوبية ومن أصول أفريقية.
كانت مدة سجن جريمة التعامل لأول مرة خمسة عشر سنة ؛ في حال تكرار الجرم ترتفع المدة إلى عشرين عاما وفي حال تكرار الجريمة ثلاث مرات تكون المدة خمسة وعشرين عاما أو مدى الحياة !!! . ستخفف المدة حسب التوصيات خمس سنوات لكل حالة. طبعا هناك اعتراضات كثيرة بحجة الحفاظ على أمن السكان لكن السبب الحقيقي هو مصالح بمئات ملايين الدولارات .
تدعم الإجراءات الجديدة وزيرة العدل السابقة – إيريك هولدر – التي ترأس جمعية إنسانية لتخفيف مدة الحكم على المجرمين التي ازدادت بشكل مخيف في الثلاثين سنة الأخيرة وارتفع نتيجتها عدد المساجين من خمسة وعشرين ألفا عام 1980 إلى مائتي وعشرين ألفا عام 2013 في جرائم المخدرات فقط وهذا يعادل إرتفاع تسعة أضعاف .
تعطي وزيرة العدل السابقة مقارنة بسيطة بأن عدد سكان الولايات المتحدة يشكل خمسة بالمئة من سكان دول العالم أجمع لكن نسبة عدد المساجين هي خمسة وعشرين بالمئة في الولايات المتحدة من مجموع عدد المساجين في العالم .
نتيجة مقارنة الأرقام خلال الثلاثين عاما السابقة تكون نسبة زيادة المساجين 800 ٪ ثمانماية بالمئة او ثمانية أضعاف في الوقت الذي ارتفع عدد سكان الولايات المتحدة ثلاثين بالمئة .
تزدحم سجون الولايات المتحدة وبالرغم من الإعتراضات من جمعيات إنسانية وحقوقية تقدمت في السابق بمشاريع للكونجرس لتعديل القانون الجزائي لتخفيف العقوبات بقيت كافة تلك الإجراءات قيد الدراسات والمناقشات الطويلة والمملة في الكونجرس ومجلس الشيوخ . وفي ذات الوقت ما تزال الدوائر المختصة تتعاقد على بناء سجون جديدة لإستقبال المحكومين بسنوات طويلة تعود نفقاتها بالربح الخيالي لصالح الشركات المتعاقدة .
كانت زيارة الرئيس أوباما التاريخية للسجن منذ عدة أشهر فقط وخطابه المثير حول وضع المساجين وتصرفات القضاء القوة المحركة التي أطلقت الثورة الحالية الداعية للتغيير.