بقلم: سونيا الحداد
قيل في الماضي أن «من وجد صديقا وجد كنزا». حكمة تعبر الزمان والمكان، تتوارثها الأجيال مستشهدة بها في جميع مراحل الحياة سواء الصعبة منها ام السعيدة.
أن تجد كنزا يعد أمرا نادرا لا يحصل كل يوم وقد لا يحصل أبدا في هذه الحياة، مما يدل على قيمةُ الصداقة التي شبهت به. الصديق الفعلي هو هذا الإنسان الذي يشكل مع الزمن جزءا منك وكأنه فردا من عائلتك، فمن الطبيعي جدا ان تعد الاصدقاء على أصابع اليد لندرتهم، مثلهم مثل الكنوز المخبأة. «الصداقة هي فعل محبة يختاره الأحرار». انه شعور عفوي وعميق جدا لا يمكن لنا تفسيره كليا، مثله مثل الحب. شخصان يلتقيان على درب الحياة تنشأ بينهما علاقة عفوية صافية صفاء القداسة، تعطي من ذاتها دون مقابل. الصديق لا يطلب منك أن تستثمر في صداقته كي تثبت له حسن نواياك. يوم اختارك صديقا عرف معدنك وأحبه، واختاره. إن غبت عنه ايام وشهور وسنين لآ تتأثر الصداقة ابدا. إن أخطأت عاتبك ليعود ويضمك إلى صدره. يسمع لك دون تأفف من سلبيتك ساعة تتألم روحك. تخطأ معه ومع غيره، يسمعك ويحاول تضميد جراحك، يحترم كرامتك ولا يقبل اذلاله، يؤنبك لمحبته لك. مهما تحدث الناس عنك بالسوء تراه بجانبك دائما، سندا يحميك يوم تتعثر متألما. إنه هذا الشخص الذي يحبك وانت تختلف عنه فكريا وماديا واجتماعيا، لانه يعشق روحك وشخصك الذي يكون مكملا في أغلب الأحيان. يوم اناديك صديقي أنادي روحك، أخاويك وكم من صداقة حلت مكان روابط الدم وأبدعت في تواجدها.
يوم تخسر صديقا أعرف أنه لم يكن صديقا لك يوما. أنها علاقة أعمق من متطلبات العلاقات الاجتماعية اليومية وما تحمله من تصرفات اغلبها شكلية كي تناسب الوضع الحاضر ومصالحه. الصداقة تعمل بصمت ولا تقبل الخسارة فهي دائمة الإخلاص والتفاني، خاصتان لا تموتان أبدا. علاقة بمثابة هدية كونية تحييك وتمسك بيدك في مسيرة الحياة الشيقة في مصاعبها ومحاسنها.
هذا الكون البديع يحمل نفائس كنوزه الفكرية والروحية تنعم علينا بنورها قوس قزح يتوج سماءنا، يغنيها جمالا سره من اسرار العجب. يا له من مصير شيق أن تختبر الصداقة الفعلية مغامرا في هذه الدنيا!