بقلم: كلودين كرمة
عندما نتحدث عن التنافس او التحدى او الصراع فعلى الفور يتبادر الى اذهاننا ان هناك طرف اخر يكون خارج عن دائرتنا المغلقة من الاقارب او الاحباء او الأصدقاء لا بد ان نتصدى له او نواجهه ونتبارى معه حتى نصل الى مبتغانا و نحقق احلامنا ونفتخر بما انجزناه فتزيذ ثقتنا بأنفسنا ويدفعنا ذلك الى التوجه الى تحقيق المزيد من الانجازات. وقد نحتسب ان هذا هو اعنف انواع الصراعات لما نواجهه من مشاق ومكائد و وعدم انصاف بسبب الاهواء الشخصية. ولكن الاشد خطورة و الاكثر تأثيرا هو صراع الانسان مع نفسه.. بين ماضيه وحاضره ، بين الخطأ والصواب ، بين ما يريده وما يجب عليه اتمامه..وهذا الاختيار من شأنه ان يغير مسار حياته بالكامل حيث ان اختياره يتوقف على مبادئه وثقافته وما نشأ عليه من اخلاق وما تعلمه وما بنيت عليه شخصيته ومدى تأثيره بالمحيطين به وكذالك بخبراته السابقة فى مختلف مراحل حياته. فإذا استطاع الثبات والوقوف فى مواجهة الفساد والضغوط وعمل بجد وجهد حتى ينتصر على السلبيات المحيطة به وان ينتصر على الحرب التى تشنها افكاره والتشاؤم الذى قد يدفعه فى بعض الاحيان الى اختيار الطريق الاسرع والأسهل الذى من شأنه ان يكسر بداخله الكثير من القيم ويُصيب نفسه بشرخ عميق لا يلتئم مهما مرت به الايام ومهما حاول ان يصلح مسار حياته. فالصراع الداخلى لا يفارق الانسان لحظة واحدة ويصاحبه فى كل قراراته و فى كل موقف يمر به هل يضحى من اجل احبابه ؟هل يفضل مصلحته؟ هل يتقبل الرأى الآخر أم يخشى ان يتصف بالضعف؟ هل يجوز له استبدال افكاره ام يهاب ان يتهم بعدم الثبات والتردد؟ هل يمكنه عدم التمادى فى خطته إذا اثبتت فشلها ام من الاجدر ان يكون متعنت لأنه يجب ان يحتفظ بهيبته ولا يعترف بنقص خبرته؟ وتتبادر الى الذهن الكثير من الاسئلة وكلها تبدأ ب “ هل “ وبعد حوار مع النفس يستنزف منها الكثير من الجهد تكون الإجابة غير مرضية او غير مؤكدة او تكون فى اتخاذ القرار مع شئ من المجازفة. وبذلك نجد ان الانسان مع ضغوط الحياة والتوتر الذى يصطحب الكثير من المسؤوليات كفيل ان يغير الكثير والكثير من فكره و شخصيته وهنا مربط الفرس…وهذا يسبب العديد من الخلافات التى تصل الى حد المشاجرات بين الاصدقاء او الانفصال بين الأزواج.. ونضيف الى ذلك التقدم فى العمر والشعور بالاحتياج النفسى او العجز او واعتلال الصحة واختفاء عنفوان الشباب وراء الشيب و قد ظهرت فى الوجه مؤشرات تحكى تجاعيده حياة عمر طويل… ومن هذا المنطلق يتحتم علينا ان ندرس خطاطنا بعناية ونحسم امرنا ونحترس لخطواتنا متمسكين بما نريد ان نحققه دون التخلى عن مبادئنا ساعين باستمرار الى الحفاظ على جمال صورتنا فى اعيننا و اشراقة النفس وابتهاج الروح