بقلم: كندة الجيوش
يأتي الى كندا الآلاف من المهاجرين من ذوي الدراسات العليا والخبرات العلمية في كل المجالات. ولكنهم يواجهون صعوبات شديدة في تعديل الشهادات والعمل في مجالهم. وينتهي بهم الامر الى مهن اما بعيدة او متدنية بالنسبة لدراساتهم و خبراتهم التي امضوا اعواماً عديدة في بنائها.
واذكر هنا مثلا الأطباء والجراحين والصيادلة. وأغلبهم انتهى به الامر ليكون سائق تاكسي او عمالٍ في محالٍ تجارية بعيدة كل البعد عن حقولهم المهنية او اختصاصهم ان كان اختصاصاً عينياً، قلبياً، جراحة وجه وفكين الى اخر القائمة.
و هذا الامر لا يبرره اَي عذر. وخاصة من معه سنوات خبرة طويلة في مهنته ويمتلك اللغة و المهارات المتعددة التي تتطلبها ممارسة مهنة الطب و احتياجاتها او ممارسة الصيدلة و شروطها. أليست مفارقة ان يكون هناك جراح وجه و فكين سوري ماهر خريج جامعات أوروبية كان يمارس مهنته في المحافظات السورية ، و كان مرضاه في عيادته هم جلهم من كندا و استراليا و حين جاء الى كندا لم يستطع ممارسة مهنته نظراً للشروط المعقدة و الدعوة للعودة الى مقاعد الدراسة؟ هنا الحل يكمن في اقتراح بسيط ، فالطبيب المختص يمكن ان يعمل بإشراف طبيب اخر لمدة زمنية معينة الي ان يصبح قادرًا على العمل وحده حسب المعايير الكندية. او ان تُنشئ برامج لتحتوي الأطباء في المشافي و المؤسسات الطبية كأطباء مقيمين ليتم تدريبهم وفقاً للمعايير الكندية ان كان على مستوى المقاطعات او على المستوى الفيدرالي و هذا ليس بالجديد حيث يتم العمل به في الولايات المتحدة الامريكية و يُدعى ب برامج الأطباء المقيمين. ويمكن ان يتم تطبيقه في كندا وان يدفع لهم اَي الأطباء المهاجرين راتب اقل على اعتبار انهم خريجي جامعاتٍ اجنبية و ان خبراتهم كانت تُمارس خارج كندا و حتى لا يكون هناك فارقاً او مرارةً ما لدى الأطباء اللذين درسوا و أنهوا تحصيلهم الأكاديمي في كندا و بالتالي ان لا يكون لديهم احساس بالغبن المادي وخاصة ان التكلفة المادية لا سيما لدراسة الطب باهظةً هنا . فلربما ليس مقبولاً ان يكون عائدها المادي جراء ممارستهم مهنة الطب يساوي اجر الاطباء المهاجرين الجدد ماديا وسنوات عمر التي مضت في التحصيل و الاختصاص.
كندا بحاجة للأطباء هذا ما اكدته دراسة نُشِرَتْ مؤخراً تضمنت احصائيةً مفادها ان شمال أمريكا بما فيه الولايات المتحدة الامريكية و كندا بحاجة ملحة الى مئة و عشرين الف طبيب . إذاً الامر بات حاجةً و ضرورة وليس مجرد مناشدة. وهنا يجب على الأطباء الكنديين مسؤولية ان يساعدوا زملاءهم الأطباء المهاجرين ويقوموا بحملة ضغط من اجل ان يمكنوهم من العمل بمهنة إنسانية بحتة أخذت الكثير من وقتهم و طاقتهم و سنيناً عديدة من العمر انقضت في الدراسة و التحصيل العلمي و هذا ليس بعيداً ابداً عما عُرِف به أطباء كندا من احترامٍ للمعايير الاخلاقية بل ينسجم تماماً مع قيمهم و مبادئهم . و الأهم من ذلك زيادة عدد الأطباء مما يزيد من الخدمات الطبية و استفادة أبناء كندا منها.
وأخيرا لا نريد انسانياً للأطفال ، أبناء الأطباء المهاجرين ان ينشأوا في وطننا الجميل كندا وفِي أنفسهم غصة تنشأ من مقارنةٍ بين اهلهم الأطباء المهاجرين بالأطباء الكنديين او ان ينشأ احساس بالتمييز . حتما سيكون هذا تأثيره سلبي ولا نريده لمجتمعنا الكندي الذي نفاخر بقيمه ووقوفه الى جانب كل ما هو انساني واصيل.