بقلم/ أسماء أبو بكر
المكان الصامت يوحى بالسحر،من هنا بدأ فراعنة مصر العظماء حياتهم الأبدية، بداية بدفن الملك “تحتمس الأول” نهاية بدفن آخر ملوك الأسرة العشرين الملك “رمسيس الحادي عشر” حيث يرقد هنا ملوكا أثروا في تاريخ البشرية جمعاء، من حرب وسلام وانتصار وفتوحات، هنا بالبر الغربي في مدينة القرنة القابعة بطيبة القديمة،والتي تنفرد بثلث آثار العالم ،تشعر وكأنك في عالم ملئ بالغموض والسحر، يتأجج الشغف بداخلك لإكتشاف المثير في مقابر الفراعنة العظماء،فعندما تغمض عينيك تشعر وكأنك في مصر الفرعونية القديمة،، تتجول بين معابدها ومقابرها، فها هو عالم غامض ملئ بالكنوز والأسرار التاريخية، يتخلله الكثير من الحكايات حول أسرار لعنة الفراعنة، التي ظهرت حكاياتها جلية مع اكتشاف مقبرة الملك “توت عنخ آمون” ، والتي تعد واحدة من أشهر المقابر الملكية المصرية في العالم ،لدى اكتشافها على يد هاورد كارتر عام 1922،وحكايات الاكتشافات والسرقات وتفاصيل احتفال الفراعنة بالحياة ما بعد الموت ،حقا انه عالم الخلود؛ عرف وادى الملوك قديما باسم “المدينة الجنائزية الملكية العظمى“ لملايين السنين من حياة الفرعون وقوته وصحته بغرب طيبة وسميت بالهيروغلفية (تا سيخت ماعت ) بمعنى “الوادى العظيم” وأيضا عرف باسم “جبانه طيبة” و”أرض الآثار”. يبدو أن الفراعنة العظماء اختاروا هذا الموقع تحديدا لتخليد ملوكهم؛ ربما يعود ذلك الشكل الهرمي للجبل الذي يرتفع نحو 300 متر (985 قدماً). ويتكون وادى الملوك من فرعين لمجموعة أودية على البر الغربي، وقسمت إلى منطقتين للزيارة: الوادي الشرقي؛ الذي يضم عدداً كبيراً من المقابر الملكية المهمة. والوادي الغربي، الذي يضم مقبرتين ملكيتين كبيرتين وعدداً من المقابر الصغيرة لأفراد ملكيين غير معروفين. ويقع وادى الملوك في منطقة جبلية قاحلة بين تلال ضخمة في الصحراء من الحجر الجيري ،تكسوها آثار قنوات جافة يعود عمرها لآلاف السنين. في تلك المنطقة الجبلية يقبع تاريخ عريق في قبور حفرت في قلب الصخور ، أو أخفيت في أرض الوادي الصخرية، ولكن ما زال يختبئ الكثير منها تحت رمال الصحراء المصرية القاحلة هذه. تتكون المقابر الملكية في وادي الملوك من ممرات أودهاليز ضيقة تأخذك إلى غرف نحتت في صخر الجبل يعترضها بعض الآبار، حيث صممت بحيث يصعب سرقتها ،أما جدران المقبرة فكانت مسرحاً للمناظر وغالباً مطلية باللون الأزرق وتزينها نجوم ذهبية،، فهي مكسوة بالرسوم والنصوص الدينية المختلفة وأغلبها من كتاب «ما هو موجود في العالم الآخر»، وكتاب «البوابات»، وكتاب «الكهوف»، وكتاب «الأرض»، و«أناشيد شمسية» وايضا« قصة هلاك البشرية» و«كتاب الموتى»، بجانب بعض الطقوس الدينية مثل طقس فتح الفم .. تعتبر مقابر وادى الملوك أشهر المقابر التاريخية في مصر و العالم،حيث قام الفراعنة بدفن ملوكهم خلال 500 سنة بتلك المنطقة والتى تميزت باحتوائها على رسومات ونقوش من الميثولوجيا المصرية القديمة توضح العقائد الدينية والمراسم التأبينية فى ذلك الوقت.. يبدو أن المصري القديم كان يهتم بحفظ الجسد وتحنيطه ووضعه في مكان آمن للحياة ما بعد الموت.. «سيضرب الموت بجناحيه السامين كل من يعكر صفو الملك»… تلك الجملة المنقوشة بالخط الهيروغليفي على مدخل مقبرة الملك” توت عنخ آمون”، كانت السبب في انتشار أسطورة “لعنة الفراعنة”. وجدران تلك المقبرة شاهدة على عظمة تلك الحضارة الفرعونية دون شكك، تعد مقبرته واحدة من أشهر المقابر الملكية المصرية في العالم،،لكونها لم تتعرض للنهب، ولإكتشاف كنوزها كاملة،ورغم أن كنوز توت عنخ امون موجودة حاليًا في المتحف المصري، إلا أن مومياء الملك الصغير العظيم “توت عنخ آمون”، مازالت مقبرته في وادي الملوك.. تركت مصر القديمة إرثاً دائماً للبشرية جمعاء، ونقلت آثارها إلى بقاع بعيدة من العالم، وألهمت الأطلال والبقايا خيال المسافرين والكتاب لعدة قرون، ونُسخت وقُلدت الحضارة والفن والعمارة المصرية القديمة على نطاق واسع في العالم،فمصر هي كمت الأرض السوداء وديشريت الأرض الحمراء ، انها بحق متحفاً عالمي كبير، لمن يريد ان يري الماضي حاضرا بقوة أمام عينيه، وعبرة لكل من أعتقد أنه سوف يحيا للأبد.