بقلم : على أبودشيش
يحتفل العالم كل عام فى 21 مارس بعيد الأم التي لها مكانة مقدسة عند قدماء المصريين منذ بداية الأسرات، فهي التي ولدت آلهة الخصب والخير والبركة، فخلدوها في آثار معابدهم.
وقدماء المصريين أول من احتفل بعيد الأم كعيد مقدس ابتداء من الدولة القديمة، واستمر حتى أواخر عهد البطالمة وورد ذكر عيد الأم والنص عليه في أكثر من بردية من برديات كتب الموتى.
ووجد ضمن مقابر الدولة الحديثة كثير من البرديات التي حوت نماذج من النصوص التقليدية للأم في عيدها.
اختاروا لعيد الأم آخر شهور فيضان النيل عندما تكون الأرض الخصبة معدّة لبذر البذور- أو بذور الحياة التي تبعث الحياة في الأرض- وهو شهر هاتور في التقويم المصري القديم، وهاتور أو حتحور تعبر عن ربة الجمال ومعنى “حت- حور” مرضعة الإله “حور”، لذلك شبهوا الأم بنهر النيل الذي يهب الحياة والخصب والخير.
ومع كل ضربة فأس في أرض مصر يخرج لنا سطر جديد من تاريخنا المجيد ليحدثنا عن أمجاد أجدادنا الذين أبهروا العالم أجمع.
وفى مصر القديمة مارست الأم الدور الطبيعي وبذلت كل الجهد لتهيئ المناخ المناسب لأولادها لتحيى حياة سعيدة هانئة ثم جعلت من الأسرة نسيجا قويا ومتماسكا ومن هذا المناخ هيأت المجتمع لإنجاز الحضارة الباقية حتى الآن.
وتصور المصري القديم الكون في نظريه الخلق وشبه السماء الربة نوت بالأم التي تحمل الشمس وتلدها كل يوم وفى نهاية اليوم تبتلعها وهكذا كل يوم فكانت الأم منذ الوهلة الأولى للفراعنة مرجعا مهما فى تكوين العقيدة، وكانت نوت وايزيس ونفتيس ثم حتحور وغيرها مثال على عظم مكانة الأم عندهم.
وكانت الربة ايزيس التي أنجبت المعبود حورس الذي مثل النظام الاجتماعي على الأرض بعد حكم البشر وهناك الكثير من التماثيل التي تصور ايزيس وهى ترضع المعبود حورس، مشيرا إلى أن الربة حتحور ظهرت بصور وخصائص وقدست فى أماكن كثيرة وعرفت كربة للأمومة والعطاء واندمجت مع إيزيس وقورنت في بلاد اليونان بالربة افروديت (فينوس) وارتبطت حتحور بالربة الأم لما تحمله من أشكال الأنثى مثل الصدر العظيم للربة الأم دلالة على عميلة الرضاعة التي وهبها الله تعالى للأم.
وحصلت الأم على بعض الألقاب الشرفية التي تدل على احترام المجتمع لها مثل موت نثر (أم الإله) وأم الملك حمت نسوت والمفضلة لدى الإله والمعروفة لدى الملك وغيرها.
وعن التقاليد الملكية المصرية لعبت الأم الدور البارز فكانت هي المعبر الذي لا بد أن يعبره الملك لكي يصل إلى عرش البلاد، فقد كانت التقاليد تتطلب أن يكون حاكم البلاد من أم ملكية
واهتم المصري القديم بالأم والأمومة في كل شيء في حياته وجسد وصور ذلك على التماثيل وداخل المقابر، وهناك العديد من النماذج الفنية المصرية القديمة التي تحاكى هذا الاهتمام وأظهرتها التماثيل والمناظر مع أفراد أسرتها فى ترابط وعليهم علامات الحب والسعادة، كما أظهرتها أنيقة ورشيقة وفى كامل زينتها ويتضح من النصوص الفرعونية أن المرأة حظيت بمكانة كبيرة جدا والدليل على ذلك التماثيل التي تبين مدى العلاقة الوثيقة بين الزوج والزوجة مثل تماثيل أمنحوتب الثالث وزوجته وسن نجم وزوجته وأيضا تماثيل إخناتون وزوجته.
ومن أروع الأمثلة على الترابط الأثري تمثال القزم سنب وزوجته وهى تجلس بجانب زوجها ومن هذه النصوص يتضح لنا الدور التي لعبته المرأة في مصر الفرعونية، موضحا أن المرأة في مصر الفرعونية اتخذت بعض الألقاب منها القابضة على الأرضين وجميلة الوجه والمشرقة والجميلة والنبيلة.
ومن أبرز الملكات التي حكمن مصر مريت نيت وحتشبسوت وخنتكاوس وتا وسرت وسبك نفرو.