بقلم: تيماء الجيوش
لعلي أتقدم هنا بشرحٍ إضافي في هذا المقال لماذا اعتقد جازمة ان كندا هي نموذجاً يُحتذى به من حيث المساواة الجندري و سأوجز ذلك بما يلي:
شمل النهج الذي تتبعه كندا للقضاء على التمييز ضد المرأة مستويات عديدة مثل الحماية الدستورية والتشريعات والتعليم العام والهيئات المؤسسية والتوعية العامة والإجراءات والبحوث.Canada constitution.
و القانون الدستوري في كندا له المكانة الاولى و هو المصدر الأساسي للحقوق و الحريات عامة و على بقية فروع القانون ان تتبع احكامه. بمعنى ادق دستور كندا هو القانون الأسمى في البلاد وهو يتضمن الميثاق الكندي للحقوق والحريات و الذي عادة يُشار اليه ب (الميثاق) Charter. من اهم المواد الرئيسة فيه و تُعدُّ ركيزة الميثاق المادة 15 Equality منه حيث تؤكد مبدأ المساواة و تناهض بالمُطلق التمييز القائم على أساس العرق أو الأصل القومي أو الإثني أو اللون أو الدين أو الجنس أو العمر أو الحالة العقلية أو الإعاقة الجسدية للأفراد.
أضف على ذلك و منذ آذار / مارس 1998 ، قامت حكومة كندا بتبني عدداً من التدابير التشريعية لتحسين حماية حقوق المرأة باعتبار انها جزءاً لا يتجزأ من حقوق الانسان ، و امتد التشريع بتفاصيله و تجانسه مع الدستور الى ملئ الثغرات في قانون حماية المهاجرين واللاجئين وتعزيز حماية المرأة اللاجئة و المهاجرة و كذلك الحال بالنسبة للقانون الجنائي الكندي
Canada criminal code ، وكان ذلك من بين التدابير التشريعية الأخرى.
كي تُعزز القوانين و تُطبق كان لا بد من استراتيجية على المستوى الفدرالي الكندي. فكانت الخطوة الاولى و الهامة باعتماد خطة او مبادرة للمساواة بين الجنسين كمبادرة على التزام اصيل من قبل الحكومة لتعزيز مساواة المرأة والتي لم تنفك الدولة الكندية من تعزيزها العميق منذ عقود. تحولت بعد ذلك هذه المبادرة إلى استراتيجية تمولها الحكومة نفسها و بالتدرج المتواصل و التراتبي و خطوة بخطوة تم المُضي قُدماً بهذه الاستراتيجية ، ورافق ذلك و بكل موضوعية تقييم إنجازات كل عام من حيث النجاح و الاخفاق و الصعوبات و الإمكانيات المتاحة حقاً.
لكن من حيث المضمون ما هي العناصر الأساسية لهذه الاستراتيجية الفيدرالية؟
حقيقةً هي تقوم على ما يلي:
١- بلورة السياسات والبرامج القائمة عبر مراقبتها و تقييمها على المدى القصير.
٢- التقدم بمبادرات حديثة اعتماداً على ما تفرزه التطبيقات العملية.
٣-الاهم من هذا و ذاك التنفيذ التام للتحليل الواقعي والالتزام القائم فيما يخص المساواة وعدم التمييز على أساس الجنس .
٤- لم تغفل الإستراتيجية المومأ عن الدور الهام للعمل التطوعي و تعزيز قدرات قطاع المتطوعين ، و انخراط الكنديين عبر المشاركة المنهجية والمنسقة للكنديين .و لعلنا جميعاً نُدركُ أهمية العمل التطوعي في كندا و نلمس اثاره في تفاصيل حياتنا اليومية.
٥-الوفاء بالتزامات كندا الدولية والتزاماتها و هذا يبرز أيضاً للعيان عبر انخراط كندا Humanitarian role الدور الإنساني الذي تقدمه للمجتمع الدولي عند الكوارث و الأزمات و استقبال اللاجئين نموذجاً قائماً و بعمق.
من ناحية آخرى و كمثالٍ على تطبيق مبدأ المساواة و تفعيله وفقاً لهذه الإستراتيجية و من حيث النظرية و التطبيق نجد ان القانون الجزائي الكندي Canada criminal code كان و لا يزال متميزاً باتخاذ تدابير معينة فيما يتعلق بالعنف ضد المرأة على المستوى الفيدرالي منذ عام 1998. نجد تحت سقف هذا القانون و في سبيل جعل محاكمة ضحايا الجرائم الجنسية أو العنيفة التي تقل أعمارهم عن 18 سنة أكثر مرونة و خالية من التعقيد ، نجد ان المشرع أكد على ان الضحايا يتم تقييد استجوابهم من قبل المدعى عليهم الذين يدافعون أنفسهم في المحكمة. و هذا مبدأ قانوني مشروع للمدعى عليهم ان يدافعوا عن أنفسهم دون اللجوء لتوكيل محامين. كما و أضاف المُشرِّع أمراً اخر ألا و هو والسماح بحضور شخص داعم يشجع الضحايا أو الشهود خاصة في حالات العنف الجنسي أو البدني إذا كانت الضحية دون سن الرابعة عشرة ، أو إذا كان الضحايا أو من وقع عليهم العنف هم من الأشخاص المعاقين عقلياً أو معاقين جسدياً. و شمل القانون الجزائي الكندي أيضاً احترام حق الخصوصية أي خصوصية الضحايا و تفاصيل الأعزاء عليهم ، لذا فقد فُرِضَ حظراً على نشر التفاصيل الخاص بمؤلفاتهم أو ما يُدعى قانوناً ب»الحظر العام» ترجمة ذلك يتم كتم هوية المدعي و الُمدعى عليه في حالات العنف الجنسي حيثما كان ذلك ضروريًا لضمان سير العدالة بشكل دقيق و سليم . لم يكُن مفاجئاً لنا ان نجد المُشرِّع الكندي وقف بحدة ضد جرائم التحرش الجنسي عموماً لا سيما الواقعة ضد المرأة و بالتالي أصبحت العقوبة التي ينص عليها القانون الجزائي هي الحبس من خمس إلى عشر سنوات. ما يثير الإعجاب حقاً هو أن القانون الجزائي الكندي لا يحترم أو يعترف بجريمة الشرف Honor Crime ، وقضية عائلة الشفيع هي أفضل مثال نوردهُ في سياق هذا المقال حيث تم الحكم على المدعى عليهم وهم الام والأب والأخ بجريمة قتل من الدرجة الأولى.
تعدد الزوجات غير قانوني في كندا.
ولكن ماذا عن قانون الأسرة؟ هل كان أيضاً متسقاً مع هذه الإستراتيجية و مبدأ المساواة ؟ كيف يتم هذا و كندا لديها مستويات ادارية متعددة اَي الفيدرالية و مستوى المقاطعات و الأقاليم . ربما للإجابة على هذا السؤال نعود الى نص وزارة العدل الكندي و التي حددت ما يلي:
«يمنح الدستور الحكومات الفيدرالية وحكومات المقاطعات والأقاليم سلطات محددة لقانون الأسرة في كندا. ينطبق القانون الفيدرالي على الطلاق عمومًا عند طلاق الوالدين. و تطبق قوانين المقاطعات والأقاليم عندما ينفصل الأزواج غير المتزوجين أو عندما ينفصل الأزواج عن بعضهم ولكنهم لا يبدأون إجراءات الطلاق.
حكومات المقاطعات مسؤولة أيضًا عن وضع القواعد المتعلقة بكيفية الحصول على الطلاق في إطار ولايتها القضائية و التشريعية. على سبيل المثال ، لكل مقاطعة و اقليم قواعد خاصة ان كان من حيث النماذج و التباليغ و الإشعارات والجداول الزمنية. كما أنها مسؤولة عن إدارة خدمات وبرامج العدالة الأسرية ضمن ولاياتها القضائية. «
و ان لم تكن المساحة هنا متسعة لشرحٍ موسع لكننا نذكر و بتقديرٍ عالٍ ان القانون الكندي يمنع تعدد الزوجات بشكلٍ مطلق و حتى في حالات اللجوء و الهجرة لا تُقبل قانوناً سوى مفردات زوجة واحدة و في حالة الطلاق تكون الحضانة مشتركة بين الزوجين. و هو حق مشروع للزوجين دون اَي تمييز من حيث الحقوق او الإجراءات . و الوضع القانوني في هذه الحال يُنهي عقد الزواج و بالتالي تختلف الحقوق و الواجبات عما هو الحال من حيث الانفصال ،و للتمييز القانوني بين الانفصال و الطلاق فالطلاق هو انتهاء عقد الزواج رسمياً و بحكمٍ من المحكمة المختصة . ولا يستطيع الطلاق إلا الأزواج المتزوجين قانونًا. . اما الانفصال كما ذكرنا سابقاً فهو الانفصال الجسدي و المعيشي بين الزوجين دون التقدم بطلب الطلاق . يبقى الحق في النفقة هو حقٌ ثابت و ملكية الأسرة (أو تقسيم الممتلكات) هي أيضاً من حق الزوجين . ما لم يكن هناك اتفاق سابق بين الزوجين بالا يتم اقتسام الملكية في حال حدوث الطلاق.
عقد الزواج هو عقدٌ يتم فيه احترام إرادة المتعاقدين دون تمييز و ليس لأحد الطرفين ان يكون مكروهاً على أمره او مغُيب الإرادة. عملياً المرأة لا يُمكن إجبارها على الزواج و لها حرية الاختيار و كامل حقوقها مصانة . هذا ما هو عليه الحال في كندا و مدى احترامها للمساواة و Gender equality.
يحق لكندا ان تفخر بتشريعها و يحق لنا ان نفخر بها. كل عام و كل يوم و المرأة في العالم اجمع بالف خير. شهر آذار هو شهر المرأة. أسبوع سعيد لكم جميعاً.