بقلم: حسّان عبد الله
حُكِيَ أَنَّ قُبُّرَةً اتَّخَذَتْ عُشًّا وَباضَتْ فيهِ على طريقِ الفيلِ. وكانَ للفيلِ مَشْرَبٌ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِ ، فَمَرَّ ذاتَ يَوْمٍ على عادَتِهِ لِيَرِدَ مَوْرِدَهُ فَوَطِئَ عُشَّ القُبُّرةِ وهَشَمَ بَيْضَها وقَتَلَ فِراخَها
فلمَّا نَظَرَتْ ما ساءَها عَلِمَتْ أنَّ الذي نالَها منَ الفيلِ ، فطارَتْ فوقعَتْ على رَأْسِهِ باكِيَةً ثمَّ قالَتْ: أيُّها الملِكُ ، لِمَ هَشَمْتَ بيضي وَقَتَلْتَ فِراخي وأنا في جِوارِكَ؟
أَفَعَلْتَ هذا اسْتِصْغارًا منكَ لِأَمري واحْتِقارًا لِشَأْني ؟
قال: هُوَ الذي حَمَلَني على ذلكَ .
فتَرَكَتْهُ وانصَرَفَتْ إلى جَماعةٍ من الطَّيْرِ وطَلَبَتْ منهنّّ أنْ يَفْقَأْنَ عينيهِ فَأَجَبْنَها على ذلك ونَقَرْن َ عينيه حتّى ذَهَبْنَ بهما . ثمَّ جاءَتْ إلى غَديرٍ فيه ضَفادع وطلَبَتْ منهنَّ أنْ ينْقُقْنَ في وهدَةٍ قَريبَةٍ ، فلمَّا سَمِعَ نَقيقَهُنَّ وقد أجْهَدَهُ العَطشُ أَقْبَلَ حتّى وقعَ في الوَهْدَةِ فسقَطَ فيها وأشَرَفَ على الهَلاكِ . ثمَّ جاءَتْ القُبُّرَةُ تُرَفْرِفُ على رأسِهِ وقالَتْ :
أَيُّها الطَّاغي المُغْتَرُّ بِقُوَّتِهِ ، المُحْتَقِرُ لأَمْري كيف رأَيْتَ عِظَمَ حيلَتي مَعَ صِغَرِ جُثَّتي عند عِظَمِ جُثَّتِكَ وصِغَرِ هِمَّتِكَ ؟؟